الشيخ اعزى ويهدى

مقدمة :

يشكل التصوف مكونا أساسيا في البناء الثقافي للبلدان الإسلامية باعتبار دوره في صياغة الأنساق الفكرية وتوجيه التاريخ الاجتماعي والسياسي لمجتمعاتها، وفي هذا الإطار شكلت الصحراء مجالا خصبا لنشاة وتطور الحياة الصوفية ، حيث وفرت شروط جعلتها مستقطبا للاولياء والمتصوفة ومجالا لتطور قيم الولاء والصلاح والكرامات وغيرها من القيم التي ارتبطت بالمعجم.

وانسجاما مع هذه المعطيات وما تفرضه شكلت واحة أسا مجالا لتطور القداسة بالنظر للعدد الكبير متن المتصوفة واشعاع زاويتها والتراكم الذي تحقق للمجال في مجال الكرامات بشكل أضفى خصوصية على المنطقة.

وفي هذا الإطار شكل اعزى ويهدى  شخصية صوفية كان لها صيت واسع باعتبار ما تضافر لها من أسس المشروعية العرقية التي جسدها النسب العربي والميتولوجية وما نسب له من الكرامات والأدوار الدينية والسياسية إلى جانب ارتباط اسمه بزاوية اسا التي اضطلعت بادوار مهمة في تاريخ الجنوب المغربي وبحاضرة أسا بشكل خاص.

الفصل الأول: التعريف بالشيخ اعزى ويهدى: النسب والكرامات:

1)                   التعريف بشخصية اعزى ويهدى:

ارتبطت شخصية اعزى ويهدى بالعصر الموحدي بناء على ماجاء لدى صاحب المعسول في جزئه العاشر الذي يذكر أن اسم هذا الولي محمد وأن تسمية اعزى ويهدى هي من اختيار جدته، حيث تربى بدار الأمير الموحدي يعقوب المنصور مما مكنه من تربية خاصة ومستفيدا من الإشعاع الصوفي والثقافي الذي عرفته مراكش.

وقد انتقل الشيخ اعزى ويهدى في إلى أسا في سياق ولا سباب غير معروفة ، حيث يبدو أن اختيار هذه الوجهة تحكمت فيه عوامل مرتبطة بالطبيعة البدوية للمنطقة الأمر الذي يوفر شروطا مهمة لاستقرار المتصوفة، حيث اتصل بالمنطقة في مطلع القرن الثامن الهجري/الثالث عشر ميلادي بدليل أن وفاته كانت في أول ربيع سنة 727ه/1328م ودفن في بقعة بخلوته.

2)                   نسب الشيخ اعزى ويهدى:

تختلف الروايات حول نسب الشيخ اعزى ويهدى، إلا أن معظم الدارسين يرجح رواية محمد سعي المرغيثي أحد أفراد أسرة الشيخ ، التي نقلها المعسول والذي يذهب إلى أن الشيخ يتصل نسبه بابي بكر الصديق، فهو محمد بن موسى بن أبي يوسف بن عيسى بن صالح بن زيد بن ابراهيم بن علي بن محمد بن علي بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن جعفر ...وصولا إلى ابي بكر بن الصديق، في الوقت الذي تضفي بعض الدراسات الشرف على هذا الولي الصالح.

3) كرامات الشيخ اعزى ويهدى:

تشكل الكرامات والبركات التي تنسب للاولياء والصلحاء محددا أساسيا من محددات المشروعية لدى المتصوفة ، لذلك فإن دراسة هذا المجال(التصوف) تفرض استحضار هذه الكرامات التي تنسب لرجالات التصوف مثل الشيخ اعزى ويهدى الذي تنسب له عدة كرامات مثل صناعة البارود ، حيث ينسب له أنه "أول من أحدث صناعة البارود وغيرها من المكاحل من جميع الالات" .

الفصل الثاني: الأدوار التاريخية للشيخ اعزى ويهدى وزاويته:

1)                   الأدوار الدينية والسياسية للشيخ اعزى ويهدى:

اعتمد المتصوفة الجهاد على الدوام لإثبات المشروعية وتحقيق الامتداد الاجتماعي خاصة وأن المغرب تميز خلال هذه المرحلة بتكالب الايبيرين (الاسبان والبرتغال)، وبدوره لم يخرج الشيبخ اعزى ويهدى عن  هذا الإطار، حيث انخرط في الدعوة للجهاد والتجيش ضد المسيحيين، كما جاه ابناؤه وحفدته " النصارى والروافض وغيرهم من الذين لا يؤمنون  بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم".

وقد اتخذت الأدوار السياسية للشيخ اعزى ويهدى ابرز تجسيدها مع تأسيس الشيخ لزاويته بحاضرة أسا بالنظر لما سيكون لهذه الزاوية من أدوار سياسية واجتماعية وثقافية كبيرة خلدت للشيخ بعد وفاته إلى الأن.

2) الشيخ اعزى وايهدى مؤسس زاوية اسا:

 تعتبر زاوية اسا من أقدم الزوايا بالصحراء، حيث يعود تاريخ تأسيسها إلى مطلع القرن8ه/14م، إذ تنسب الروايات تأسيسها للشيخ اعزى ويهدى واستمدت مشروعيتها وقوتها من مكانة هذا الولي الصالح ، وحققت إشعاعها بالنظر لأدوارها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فقد استقبلت الزاوية طلبة العلم والمريدين من مختلف المناطق، كما كانت لها ادوار اجتماعية متعددة تجلت في إكرام عابري السبيل وتحولها إلى مجال لفض النزاعات بين القبائل واستفادت منها قبائل المجال في تقوية لحمتها.

وإلى جانب الوظائف الدينية والثقافية والاجتماعية كانت لهذه الزاوية أدوار اقتصادية ارتبطت بالموسم التجاري الذي ينظم لمدة ثلاث ايام بتزامن مع عيد المولد النبوي الشريف، حيث تتدفق السلع والتجار على الموسم من مختلف المناطق من المغرب والسودان الغربي والجزائر مما أعطى لحاضرة اسا اشعاع اقتصادي كبير مستفيدة من وجود الزاوية وموقعها على امتداد الطريق التجاري الذي يربط وادي نون بتندوف عبر واحة اسا.

خاتمة:

تشكل دراسة شخصية الشيخ اعزى ويهدى الصوفية مناسبة لدراسة التاريخ المحلي لحاضرة أسا باعتبار ارتباط نشاة وتطور هذه الحاضرة بهذا الولي الصالح ونشاطه الصوفي الذي توج بتأسيس صرح ديني مثلته الزاوية التي ساهمت بأدوارها الدينية والاقتصادية والاجتماعية في تطور وازدهار حاضرة أسا وإشعاعها الذي توغل في السودان الغريي وشمال افريقيا .

لقد استمدت شخصية الولي الصالح اعزى ويهدى مكانتها وقوتها من ما تضافر له من نسب عربي قرشي وكرامات وما اضطلع به من أدوار دينية وسياسية خلدت لها زاويته التي أضفت دينامية على تاريخ المنطقة.