الشعر العامي الهلالي
مومن العرابي، حمادي محمد
I- تقـديــم:
التراث نتاج من نتاجات الآباء و الأجداد، يصورون فيه حياتهم، و مشاغلهم، و قضاياهم، و آمالهم و آلامهم، فهو إذن
بمثابة العتبة الأولى لفهم الحاضر، و استشراف المستقبل، من خلال الاعتبار به. و ما
دام كذلك فإنه لا محيد من جمع هذا التراث، و
الاهتمام به، و بالتالي سبر اغواره، حتى يتجلى في أحسن صوره و أبهاها، و يكون بذلك
قد نجا من براثن الاندثار و الضياع. فكثيرا ما كان موضوع التراث و البحث فيه يراود
أذهاننا، و نحن قابعون في أحضان البادية، ننظر إلى ثناياه عن كثب، و نشيع في كثير
من الأحيان بعضا من ميادينه إلى مأواها الأخير، دون أن تتحرك في أنفسنا نزعة
عاطفية أو اهتمام ذهني جدي بهذا الخصوص، و كأننا نقف وقفة المتحسر، و لسان حالنا
يردد الأبيات الشعرية للشاعر المصري "محمود غنيم" إذ يقول:
استرشد الغرب
بالماضي فأرشده و نحـن كــان لنــا مــاض نسينــاه
ماض تعيش علــى
أنقاضــه أمــم و تستمد القوى من وحي
ذكراه(1)
و إذا كان النقص الفني، كثيرا ما يثار بهذه
الثقافة، و الكامن في شفويتها، و تقليص أنواعها، من جهة، و ضعفها الشكلي، و
سوداوية مضمونها المزعومين، من جهة أخرى... فإننا ننسى بذلك ما يُكون قوتها، أي
مقدرتها في كيان مستقل، يعبر عن آمال خاصة، مانحا الفن بذلك، وظيفة ابداعية
جماعية.
و بالفعل فالفنان الشعبي هو محافظ التقاليد
الجمالية بمجتمعه، إذ يترجم الحاجات، و
الآمال بهذا المجتمع، مجسدا السياق الطويل لتراكمات هذه التقاليد، و إعادة تأويلها.
و هكذا،
فإذا كان يستوعب العبقرية الابداعية الجماعية، فهو ليس عبدا خاضعا لمجتمعه، و لا
يعبر بصفة عشوائية و لا واعية عن الضرورات الجمالية لهذا المجتمع، بل انه يمثل حقا
المبدع الذي ينسق نظرته الشاعرية الفردية مع المعطيات، و القضايا الجماعية، منشطا الثقافة
الشعبية بنفس حيوي، يبشر بارها صات تحول كيفي، الشيء الذي يفترض تجاوز استعمالها
الحالي، على شكل بضاعة فولكلورية.
(1) .
مجلة أصداء باني، العدد الأول 1983
يقول الأستاذ عباس الجراري: "ان الأدب الشعبي، ليس هو الأدب الرخيص، أو الوضيع المبتذل، كما قد يُظن، و لكنه
الأدب الذي يُستوحى من الشعب، في مختلف طبقاته، و يفيض بروحه، و يعبر عن ذوقه، و
مشاعره، و يصور عقليته، و مستوى حياته، و يميز شخصيته، و ثقافته."
يعتبر التراث عند قبيلة بني هلال، خزانا
غنيا، و كنزا نفيسا، تتجلى فيه قيم، و عادات هذه القبيلة، فقد نسج الشعراء
قصائد تنم عن إحساس مرهف، و ذوق موسيقي رفيع، و إذا تكلمنا عن الشعر، و الإبداع
فإننا بشكل أو بآخر، نخوض في أعماق حياة الشاعر الهلالي، الذي ضمن أشعاره، و
إبداعاته كل ما كان يصادفه في حياته اليومية، فدون في قصائده أحزانه، و أفراحه، و بطولاته،
و آنتصاراته، و ما كان يعرض له من الحوادث الداخلية مع أبناء عشيرته، و الخارجية
مع القبائل الأخرى، هذا فضلا عن كون هذه القصائد، حاملة لتاريخ قبيلة بني هلال
الشهيرة، فكان الشاعر بذلك، الناطق باسم هذه القبيلة، و ذلك سيرا على نهج القبائل
العربية، التي كانت لا تحتفل إلا بثلاث: "شاعر ينبغ، و فرس تنتج، و غلام
يولد".
ان هذا التراث الشعبي الهلالي اليوم، في
حاجة إلى من يلم أشلاءه المتناثرة بين شيوخ هذه القبيلة، الذين نشيع جنائزهم في
أوقات كثيرة دون أن نحس أننا نودع ثقافة، و تاريخا عريقا، تحدث عنه كبار الكتاب و
المفكرين، يقول الأستاذ آدم خاطر في هذا الصدد: "الثقافة تعني كل الموروث
قولا و سلوكا، مع امكانية المراجعة لتأخذ الأمة ما يناسبها للعصر و
تطوره".
و هـذا الموروث، لا يجب أن ينظر إليه على
أنه يأتي عفوا، أو بطريقة عشوائية، و غير
منظمة و بشكل تلقائي، بل انه يعبر عن ذوق و مشاعر، و يصور عقلية، و مستوى حياة الشعب الذي أنتج فيه.
فالتراث
الشعبي الهلالي، في حاجة إلى من يبث فيه دماء جديدة تجعله يعود إلى الخفقان، لكي
يكون أداة بواسطتها نعيش حاضرنا، و نستشرف بها مستقبلنا. و خوفنا من ضياع الشعر
الهلالي، و غيرتنا على هذه القبيلة التي نعتز بالانتماء إليها، هو الحافز الرئيسي
لنا للخوض في هذه التجربة، التي نتمنى أن نقدم فيها و لو جزءا بسيطا عما قدمه
الشاعر الهلالي، و كيف انه استطاع أن يحافظ على أصالته، و يصمد أمام تيار الحداثة
الجارف.
لقد عرف الشعر العامي الهلالي ازدهارا، و
اهتماما من قبل أفراد هذه القبيلة، في وقت كانت هذه الأخيرة في أمس الحاجة إليه،
باعتبار الشاعر هو الناطق باسمها. حتى أن القبيلة التي ليس لها شاعر تعتبر منهزمة،
و مستسلمة أمام كل القبائل الأخرى، و على هذا الأساس نظم الشاعر، و الزجال الهلالي
حسب سليقته، و سجيته اشعارا في كل المجالات و الأغراض: (الغزل، المدح، الموضوعات
الدينية و الوطنية، و التاريخية...) و الحق أن هذه الموضوعات كلها شهدت له عبر
مرور التاريخ بالشاعرية و النبوغ. لكن للأسف أصبح هذا الشعر الهلالي في وقتنا
الحاضر، يتعرض لمجموعة من الاكراهات سببت أحيانا في ضياعه، و أحيانا أخرى في
اقصاءه و عدم الاهتمام به، إما بسبب موت أصحابه -وهذا هو الأرجح- و إما بسبب
انصياع الشباب –للأسف- لما هو دخيل و
غريب، و نسيان أن القديم هو الأساس، و الركيزة الأولى، لما أصبح يسمى بالجديد، أو الحداثي، و قد عملنا على هيكلة هذا العمل على
الشكل التالي:
الفصــل الأول:
I.
تقــديــم
+ أولا: المجال الجغرافي للمنطقة
+
ثانيا: لمحة عن نشأة فن الزجل
II.
الأغراض الفنية في الشعر العامي الهلالي
+
أولا: نماذج شعر الغزل
+ ثانيا: نماذج شعر المدح
+ ثالثا: نماذج الشعر الديني
+ رابعا: نماذج الشعر التاريخي
+ خامسا: نماذج الشعر الحكمي
+ سادسا: نماذج الشعر
الاجتماعي
أما في الفصل الثاني، فقد عملنا على تعريف الأنواع
الشعرية، العامية، الاحتفالية بالمنطقة، و تدييلها بنماذج خاصة بكل نوع من هذه
الأنواع على حدة.
أولا – المجال الجغرافي للمنطقة
تعد جماعة
فم زكَيد، من بين الجماعات الهامة بجهة كَلميم السمارة، و بالتحديد بإقليم
"طاطا" يحدها شمالا "جماعة ألوكَوم" و كذا من الشرق و الشمال
الشرقي، و جماعة "تسينت" جنوبا، و جماعة "تليت" من الشمال
الغربي، و الغرب.
و يقسم الأطلس الصغير المنطقة إلى قسمين أو جزءين
رئيسيين:
+ الجزء الشمالي: و يضم مجموعة من الدواوير من بينها المنطقة موضوع البحث
"أولاد هلال"، التي تضم هي الأخرى: "السميرة"، "أولاد
جامع"، "المحروكَـ"، "أمزرو"... و كذا دواوير أخرى:
"المحاميد"، "ويفتوت"، "وأكَروط".
+ الجزء الجنوبي: و يشمل مجموعة من "الكَصور": فم الحنش،
الحدب، تمزوروت، بوكَير، بودلال...
أما عن مناخ المنطقة فهو شبه مداري جاف، يتميز بارتفاع
درجة الحرارة في الصيف، إذ تتراوح ما بين °35 و °40 نهارا و قاري جاف شتاء، و
تتعاقب عليها رياح صيفية حارة، خصوصا ما يعرف "بالشركَي" ثم رياح شتوية
رطبة و باردة نظرا لضعف الكميات المطرية التي تتساقط بها، و التي لا تتجاوز معدل
100 ملم إلى 150 ملم في السنة، فهي تعد إذن ضمن المناطق شبه الجافة(1).
أما عن الأراضي فيطغى عليها طابع القحولة، و الجفاف، و
سيادة الطابع الصخري، و تتميز بسلاسل
جبلية التوائية تنتمي إلى زمن ما قبل "الكَمبري" و الزمن الأول، و تمتد
سلسلة جبال باني على شكل قوس في الوسط، من أعلى قممها جبل "الكدية" إذ
يبلغ ارتفاعه ما بين 550 و 700
متر عن سطح الأرض(2).
أما شبكتها المائية فيطغى عليها طابع اللحظية، و الآنية.
كل ما ذكرناه زيادة على تربتها الضعيفة، ينعكس سلبا على
غطاء المنطقة النباتي، لكنه يبقى جيدا بالمقارنة مع مساحتها، و مع باقي المناطق
الصحراوية الأخرى.
__________________________________________________________
(1) مكتب الاستثمار الفلاحي بفم زكَيد 2004.
(2) مديرية التجهيز بفم زكَيد 2004.
ثانيا – لمحة عن نشأة فن الزجل
يقول بن خلدون: "ولما شاع فن التوشيح في أهل الأندلس، و أخذ به
الجمهور، لسلاسته، و تنميق كلامه، و ترصيع أجزاءه، نسجت العامة من أهل الأمصار على
منواله، و نظموا في طريقته بلغتهم الحضرية، من غير أن يلتزموا فيها، إعرابا، و استحدثوا فنا سموه بالزجل، و التزموا
النظم فيه على مناحيهم، فجاءوا فيه بالغرائب، و اتسع فيه للبلاغة مجال بحسب لغتهم المستعجمة،
و أول من أبدع في هذه الطريقة الزجلية، "أبوبكر بن قزمان" و ان كانت قد
قيلت قبله في الأندلس، و لكن لم تظهر حلاها و لا انسكبت معانيها، و اشتهرت رشاقتها
إلا في زمانه، و كان لعهد الملثمين أول القرن الثامن. و هو إمام الزجالين على
الإطلاق."(1)
يعد فن الموشح الذي ازهر في الأندلس، أصلا
لفن الزجل، و فنون أخرى كثيرة تفرعت عنه، بباقي البلاد التي بسطت عليها
الامبراطورية العربية نفوذها، و من بين المناطق التي ازهر فيها فن الزجل نجد:
المغرب و المشرق إلى أن قال المشارقة: "صاحب ألف وزن ليس بزجال"، أما في
مصر، فإن ما ساعد على انتشاره، هو سلالة ألفاظه، و سهولته، مما جعله يتماشى مع
طبيعة المصريين المتسمة باللين، و طباعهم الخفيفة، و قد انقسم فن الزجل عند
المصريين إلى نوعين: البليقة و القرقية.(2)
الشيء
نفسه لدى المغاربة، حيث إنهم استحدثوا فنا قريبا من الزجل سموه "عروض
البلد"، و كان أول من آستحدثه فيهم رجل من أهل الأندلس، نزل بفاس يحمل ثقافة
أندلسية بكل تلويناتها، و هذا الرجل يعرف "بابن عمير" فنظم قطعة على
طريقة الموشح، و لم يخرج فيها عن مذاهب الإعراب، مطلعها:
1-أبكاني بشاطيء
النهر نَوح الحمام على الغصن في
البستان قريب الصباح
2-وكف السحـَر يمحـو
مـداد الظــلام و مــاء النــدى يجــري
بثغـــر الأقــــاح
____________________________________________________________
(1)
مقدمة ابن خلدون الطبعة I / 2000. ص 487.
(2) قال صاحب "الأقصى": القريب و هو ابو
عبد الله محمد التنوخي، في كلامه عن الموشحات
و الأزجال: "و منها قرقيات المصريين و بلقياتهم. و الفرق بينها و بين
الزجل، ان الزجل متى جاء في الكلام المعرب كان معيبا، و البليقة ليست كذلك، فيجيء
فيها المعرب، و غير المعرب و لذلك سميت بليقة من البلق، و هو اختلاف الألوان... و
سميت القرقية كذلك من القرقة، و هي لعبة يلعبها صبيان الاعراب، و هذه اللعبة سماها
صاحب القاموس: القرِق، و وصف،ها و رُسمت خطوطها في تاج العروس." تاريخ آداب
العرب الجزء III د.مصطفى
صادق الرافعي. ص 157.
فاستحسن الناس طريقته في النظم، و ولعوا به،
و نظموا فيه على سجيتهم، و تركوا الإعراب الذي ليس من طباعهم.
و ترجع تسمية الزجل، إلى قصة طريفة وقعت لابن قزمان، ذكرها الدكتور مصطفى
صادق الرافعي في كتابه "تاريخ آداب العرب" حيث يقول: "إن بن
قزمان(3) عشق بعض الصبيان، فرُفِع أمره للمؤدِّب فزجره، و منعه من مجالسة الصبي،
فكتب في لوحة:
1-آلْمْـــلاَحْ
أَوْلاَدْ أَمَـــــــارَة
وَالاَ وْحَـــاشْ أُولاَدْ نْصَــــارَة
2-وَ آبْـنُ قَـزْمَـانْ
جَـا يَغْفَـرْ مَــا قْبْلُّــو آلشَّيْـــخْ غْفَـــارَة
فاطلع عليه المؤدِّب فقال: قد هجوتنا بكلام
مزجول، فيقال إنه سمي زجلا من هذه الكلمة."(4)
و قد
اشتهر بن قزمان بفن الزجل، حيث إنه يعتبر في منزلة المهلهل بالنسبة للشعر، بكونه
أول مبتدىء، و مطول في فن الزجل، و يقول في هذا لسان الدين بن الخطيب:
"و
بلغ فيها أبو بكر بن قزمان رحمه الله مبلغا حجره عمن سواه، فهوآيتها المعجزة، و حجتها البالغة، و فارسها المُعْلم، و
المبتدىء فيها و المتمم."(5)
و كان أيضا في الزجالين بمنزلة المتنبي في
الشعراء، لاهتمامه الشديد بالمعنى.
و قد عرفت ازجال بن قزمان، انتشارا واسعا
بين المتلقين و خاصة المشارقة، بل إنها تجاوزت منشأها الأصلي (الأندلس) لتخترق
فضاءا أنتجت فيه أروع القصائد العربية، حيث نجد هذه الأزجال في القرن السابع كما
قال "ابن سعيد العربي" مروية في بغداد أكثر، مما هي مروية في المغرب، و
كان ممن برزوا في هذا المجال من معاصري بن قزمان نجد: عيسى البليدي و أبو عمرو بن
الزاهر الاشبيلي و أبو الحسن المقري الداني.
_____________________________________________________________
(3) هو محمد بن عيسى بن عبد الملك بن عيسى أبو بكر
قزمان: امام الزجالين في الأندلس و له شعر، و هو من أهل قرطبة، مات سنة 555 هج / 1160 م. انظر ترجمته في
"المغرب في حلى المغرب" الجزء I
ص 100 و 167 مجلة الكتاب 4 / 1037.
(4) "تاريخ آداب العرب" الجزء III الدكتور
مصطفى صادق الرافعي الطبعة I
(1421/2000) ص 155.
(5) نفس المصدر السابق ص 156 / عن "نفح الطيب" الجزء II المقري ص 356.
لقد ساعد التقارب الجغرافي بين المغرب و
الأندلس، على انتشار الأزجال بالمغرب كما سبق ذكره، و آنْشَقَّتْ عنه فنون أخرى
متعددة تختلف باختلاف الأزمنة و الأمكنة، و باختلاف القبائل عبر تاريخ المغرب، إلى أن
أصبحت كل قبيلة في القرن 20 تتميز بنوع خاص، يستجيب لمميزاتها الثقافية و اللغوية،
و الجغرافية، فمثلا في جنوب المغرب، هناك انتشار واسع لفن الزجل، و يطلق عليه اسم "الرسمة".
صحيح أنه مخالف لما نشأ في الأندلس من زجل،
لكنه يحمل خصائص، و مميزات، تجعله يتمسك بجذوره الأندلسية الأولى. (اعتماده عربية
عامية، و أوزان خاصة، و هو نوع يكتسبه أبناء المنطقة بالسليقة دون تعلم).
الشــرح:
الزجْل: الرمي بالشيء، تأخذه بيديك فترمي به،
زجل الشيء يزجله و زجل به زجلا: رماه و
دفعه، و زجلت به رميت... قال:
بتنا و باتت رياح
الغور تزجله حتــى إذا هــم أولاه
بـإنجــــاد
و زجلت الناقة بما في بطنها زجلا: رمت به...
و الزَّاجَل: ماء الفحل.
و الزجَل "بالتحريك": اللعب، و
الجِبِلة، و رفع الصوت، و خص به التطريب...
و الزجَل: رفع الصوت الطرب و قال: يا ليتنا
كنا حمامتي زاجل.
و في حديث الملائكة: لهم زجل بالتسبيح أي
صوت رفيع عالٍ.
و الزجْلة: صوت الناس.
"مادة زجل: لسان
العرب"
II- الأغراض الفنية في الشعر
العامي الهلالي
أولا- نمـوذج شعـر الغـزل
1-يَـارْبِّ رْضْنِـي سْلاَمَـــة عَنْدْ آللِّي بَاتْ خَاطْرِي
نَلْكَاهْ بْخِيرْ
2-بُوتِيتْ ظْرِيفْ
فِيهْ كَامَة وَ عْيُـــونُـــو
كَحْلَـــة سُــودْ وَامَــــا
3-نَيْفُو خَنْجَرْ
مْعَلْمُو مِنْ بْلاَدْ زْعِيرْ وَ حْجْبَانُو خُطْ بِآلْفْهَامَة
4-فْمُّو تَبْرُورِ
جَامْعْ مَا سَارْ غْدِيرْ وْ صَدْرُو جْمَّارْ فِي فْدَامَة
5-يَــارْبِّـي رْضْنِــي سْلاَمَـة عَنْدْ آللِّي بَاتْ خَاطْرِي
نَلْكَاهْ بْخِيرْ
6-هُوَ عَرْبـِي وْ
فْهَمْ وْجَابـِي وْ ضْــرَبْ لِينَــا طْــــرِيـــكَ رَبِّـــــي
7-خَلاَّ عَنُّو
كُلّْ مَنْ هُوَ شَدَّاقْ حَسَّادْوْ كُُلّْهَا يْجْبـِي
8-وَانَا بَعْدَا
نْكُولْ هَكَّاكْ آللِّي لاَقْ مْنْ دُو نُو نِيتْ خَاطْرِي مَا بـِيتْ فْرَاقْ
9-يَا رْبِّـي
رْضْنِي سْلاَمَــة عَنْدْ
آللِّي بَاتْ خَاطْرِي نَلْكَاهْ بْخِيرْ
10-بُوتِيتْ
ظْرِيفْ فِيهْ كَامَة وَ عْيُـــونُــو كَحْلَــة سُـــودْ وَامَـــــا
الشــرح:
رْضْنِي: أرجعني
بَاتْ خَاطْرِي: أرادت و رغبت
بوتيت: صاحب الشعَر
غدير: ماء البركة عند انتهاء سقوط
المطر
شداق: ثرثار
يعتبر فن الغزل، من بين الأغراض التي نسج
فيها الشعراء الكبار، معظم روائعهم، و هو غرض قديم قدم القصيدة، ضارب في التاريخ
الأدبي بجذوره، بغض النظر عن اختلاف الثقافات التي ورد فيها، سواء أكانت عربية، أو
غير عربية، بل الأكثر من ذلك، فإننا نجده حاضرا و بقوة في الثقافة الشعبية و خاصة
في الأزجال، التي تمثل شقا منها. و يظهر
ذلك جليا في القصيدة التي بين أيدينا قيد التحليل، فهي تحكي عن قصة غزلية بين رجل
و امرأة، قد وقع بينهما شقاق و جفاء، يظهر ذلك التباعد بينهما انطلاقا من البيت
الأول الذي يكرر كلازمة في القصيدة، حيث إن الشاعر الزجال(1) يرجو الله التقرب من
حبيبته بعد مدة من الفراق، كما نستشفه أيضا من البيت ما قبل الأخير، و قد ذكرت فيه
كلمة "فراق".
و بموازة مع ذلك، فإن صاحب القصيدة يتغزل
بمحبوبته، و يظهر مواطن الجمال فيها، فيصور جمالها بدقة، باستعمال مجموعة من
الأساليب اللغوية كالتشبيه مثلا و الاستعارة، و مثال ذلك قوله "نيفو
خنجر" فهو يشبه أنف حبيبته بالخنجر، في استقامته، ثم كأن يقول "حجبانو
خط بالفهامة" لبراعة شكلها و شدة رقتها، ثم كأن يقول أيضا "صدرو جمار في
فدامة" فهو يشبه امتلاء الصدر و بياضه "بالجمار" و هو جزء من
النخلة يشكل لبها، و يوجد في الجزء الأعلى منها، و بالتحديد في منبت الجريد، و
يكون شديد البياض، و هذا البياض هو وجه الشبه بينه و بين صدر المحبوبة. أما "الفدامة"
فهي عبارة عن مجموعة من العيدان، أو الأعشاب التي تكون محيطة بالنخلة، و تشبه وبر
الإبل، أو شعر المعز، و تظهر بارزة مكومة في شكل مكور، تغطي النخلة بكاملها عادة،
و هذا هو وجه الشبه بينها و الثوب الذي يغطي
صدر المحبوبة من جهة، و يشبهه في بروز النهدين من جهة ثانية.
_______________________________________________________________
(1) هو الشاعر محمد بن عبد الله، تأثر بالظروف التي
كانت سائدة آنذاك، مما جعل منه شاعرا بالسليقة، لم نعثر له إلا على هذه الأبيات
القليلة، و أغلب الظن أن له أشعارا أخرى، إلا أنها تعرضت للضياع، و هو من مواليد
دوار السميرة، قبيلة بني هلال، و قد حصلنا على هذه القصيدة من قريبته المهتمة بهذا
المجال عربية بنت محمد بن الحبيب.
و حضور النخلة في القصيدة في حد ذاته، يكتسي
دلالة رمزية، نظرا للمكانة التي تحتلها النخلة في الحياة العامة، و المرأة غالبا
ما تقترن بلفظ النخلة، بحيث إنهما يشتركان معا في عدة وظائف منها: الخصب، و
العطاء، و الحياة، و هذا ما جعلهما يرتقيان إلى درجة التقديس، و الإعجاب.
ثـانيـا:
نمـوذج شعـر المـدح
1- آلصّْلاَةْ عْلَى آلنْبِي فَالْ دَايْمَة مَا
فـِيهَا تْبُْدَالْ سَلْبْتْ آلْبَالْ عَنْهَا لَا غَفْلَة
2- عَنْهَا دِيمَا لاَ غَفْلَة حْجَابْ مَا حْسَنْ
مْنْهَا شِي مَسْلَة خْيَارْ آلأَنْعَامْ
3- خَيْرْ مْنْ كْسَابْ آلدَّوْلَة
"آلْجِمَالْ" أ ُمْلْكْ وَ غَلَّة مْنِيَّةْ آلدُّنْيَا مَكْمُولَة
بْطُولْ آلْأَيَّامْ
4- تْفْكْ مُولاَهَا مِنْ آلْبْلاَ تْغِيتْ فْخْلاَ
أُتْفَرَّجْ عَلَى الكَلْبْ آلْوَحْلَة أُضِيكْ آلْغْمَامْ
5- كَتْرُوهَا فْكُلْ نْهَارْ يَا آلْبْخْلاَ وْ
كُلْ مْنْ كَترْهَا فِي آلدُّنْيَا مَا يَخْلاَ
6- مَنْ رْضَى آلْمُصْطَفَى حْتَّى آلزَّْمَامْ
يَنْزَالْ عَنْهَا لاَ غَفْلَة
7- آلصّْلاَةْ عْلَى آلنْبِي فَالْ دَايْمَة مَا
فِيهَا تُبُدَالْ سَلْبْتْ آلْبَالْ عَنْهَا لَا غَفْلَة
8- صْلاَةْ عْلَى بُو آلْأَنْوَارْ سَيِّدْ
آلَكْبَارْ تْنْزْدَا دِيمَا بِآلْكَدَّارْ لِيهْ كَرَامَة
9- كَْدْ مَا نَبَّتْ مْنْ آلْأَشْجَارْ فُوكْ
آلْأَقْفَارْ كْدْ مَا صْبّْتْ بِيهْ مْطَارْ مْنْ آلسَّمَا
10-كْدْ مَا يْتْرَامْشُو آلَاجْفَارْ لَيْلْ وَ
نْهَارْ كْدْ مَا تَفَّحْ مِنْ نُوَّارْ كُلْ نْعْمَة
11- آلصّْلاَةْ عْلَى آلنْبِي فَالْ دَايْمَة مَا فِيهَا تُبُدَالْ
سَلْبْتْ آلْبَالْ عَنْهَا لَا غَفْلَة
12-آلصّْلاَةْ عَلِيهْ إِنْ يَغْرَضْ قَاهْرْ آلضَّدْ طَامْعِينْ حْنَا
يُومْ آلْعَرْضْ فِيهْ الاَحْسَانْ
13-كْدْ مْنْ وَدَّى مُوتْ آلْفَرْدْ صَرْ تُّو آلاَرْضْ فَاتْ عَمَّرْ وْ
كَامْ بْلاَ غَرْضْ، مَا تْلاَ بَانْ
14-أُكْدْ آللُّي حَيْ مْوَكَّضْ خَضْ آللُّي خَضْ مَاهْ عَارْفْ وِينْ
يْنْكْبَضْ آلْمُوتْ يْقَانْ
15-فَرْضْ
لَرْسَامْ تَبْكَا مْنْ وْرَاهْ كَحْلَة، مَا تْلاَ دَاكْ تْنَجْمُو آلْحِيلَة
وِينْ يْتْوَخَّرْ آلْعْمْرْ كَانْ جَا آلاَجَالْ عَنْهَا لاَ غَفْلَة
16- آلصّْلاَةْ عْلَى آلنْبِي فَالْ دَايْمَة مَا فِيهَا تُبُدَالْ
سَلْبْتْ آلْبَالْ عَنْهَا لَا غَفْلَة
17-آلصّْلاَةْ
عْلَى نُورْ آلْعِزّْ مَلِيهَا حَزّْ كَْدْ آلاَغْصَانْ آللِّي يْنْهَزّْ هَبْتُو
آلرِّيحْ
18-كْدْ مَا دَا
نْحَلْ يْدْرْزْ طَاعْ بْزّْزْ قَاهْرُو سُلْطَانْ مْحَرَّزْ بَامْْرْ صْحِيحْ
19-كْدْ مَا سَدَّا مْنْ صَنْعَة بْغِيرْ تْخْبَالْ كَدْ سَرْحُو يْخْرْجْ
وْ يْرُوحْ مَا يْنْجْلاَ
20-بْصِيرْ هَاكَّاكْ خْلُوقُو مَا مْهَوّْلُو حَالْ عَنْهَا لاَ غَفْلَة
21- آلصّْلاَةْ
عْلَى آلنْبِي فَالْ دَايْمَة مَا فِيهَا تُبُدَالْ سَلْبْتْ آلْبَالْ عَنْهَا لَا
غَفْلَة
22-آلصّْلاَةْ عَلَى مُحَمَّدْ مَا لِيهَا حَدّْ كْدْ مَا لاَكِي صُورْ
آلسَّدْ كْدْ يَاجُوجْ
23-كْدْ جُنْدْ آلْجْرَادْ مْعَمَّدْ مَا مْهَوّْلُو دَاكْ بِآلْقُدْرَةْ
مْتْكَوَّدْ وْ كَمْ لَوَّدْ رَايْحْ لْمْبَاتُو مْتْمِيعَدْ بْطْوَايْحْ يْرُوجْ
24-كْدْ مَا حَوَّمْ سَارْحْ فْلُوطَى وْ آلْجْبَالْ كْدْ مَا فِي آلاَرْضْ
مْنْ سَدْ وْ غَلَّةْ كْدْ مَا نْكْبَضْ مْنُّو فَاتْ لِيهْ آلاَجَالْ عَنْهَا لاَ
غَفْلَة
25 آلصّْلاَةْ عْلَى آلنْبِي فَالْ دَايْمَة مَا فِيهَا تُبُدَالْ سَلْبْتْ
آلْبَالْ عَنْهَا لَا غَفْلَة
26-آلصَّلاَةْ عْلِيهْ وْ سَلَّمْ زِينْ آلاَسْمْ كْدْ مَا مْنْ خَلْفْ
بَغَا يْتْلَمّْ يُومْ آلْحْسَابْ
27-كْدْ مَا مْنْ يْتْكَلَّمْ أُكْدْ آلاَبْكَمْ جَا عْلَى فْعْلُو
مْتْقَسَّمْ يْفَاصْلْ آلاَذْنَابْ
28-كُلْهَا (كل واحد) رَاجِي تَمْ فِي آلرّْسُولْ خَصْلَة سَعْدْ مَنْ هُوَ
نَاجِي مْنْ كْيُودْ آلاَغْلاَلْ فَازْ مْنْ بَعْدْ آلْكُرْبَة وَ آلْهْمُومْ
شْلَّة
29-وَ آلتّْعَبْ وَ آلشّْقَاوَة وْ آلْكْبْلْ آلتّْقَالْ عَنْهَا لاَ
غَفْلَة
الشــرح:
ضيكـَ الغمام: المقصود
ضيق الحال و قساوة الظروف
الزمام : اللوح المحفوظ
تنزدا : تكثر أو تتكاثر باستمرار
كَام : استيقظ
يدرز : المقصود الضجيج
ينجلا : يضيع و يتيه
لوَّد : بحث و نقب
شلة : المقصود الكثرة
________________________________________________________________
المقصود الشاعر الهلالي بوعبيدي مولاي اعبيد
بن لحسن، و لد بدوار أولاد جامع، له قصائد زجلية كثيرة، لكنها تعرضت للضياع بموت
هذا الشاعر، و لم نعثر إلا على هذه القصيدة من ابنه بوعبيدي مولاي عبد الرحمان، و
قد آعتزل الشعر بعد أن سمع بأن الزجل يصيب الإنسان، أو قائله بالهلوسة و الجنون، و هي من
الخرافات التي كانت سببا في ضياع كثير من هذا الفن بهذه المنطقة.
استأثر المديح بالقسم الأكبر من القصيدة
الزجلية الهلالية، خاصة إذا نظرنا إليه من جهة كونه الموضوع الرئيسي، الذي تبنى عليه القصيدة، أما إذا نظرنا إليه من زاوية
كونه موضوعا ثانويا، و مقدمة، يبتدىء بها الشاعر، فإنه لا تخلو قصيدة من ذكر
للرسول، و الصلاة عليه، و كذا البسملة.
فالتأثير الديني واضح بشكل جلي، في رؤية
الإنسان البدوي للكون، و القضايا الإلهية. هذا التأثير ينعكس في شكل إبداع شعري،
أو فني، في لوحات راقصة، أو ما شابه ذلك من أنواع التعبير.
و إذا انطلقنا من كون الشاعر الهلالي، و غيره
يقول الشعر بالسليقة، و السجية، فإن أسلوبه في النظم يتميز بالبساطة، و التصوير
المادي المحسوس، لقضايا مجردة، و هذا بالفعل يتماشى مع طريقته في العيش، و الظروف
التي يحياها، و هو ما نلاحظه إذا عدنا إلى القصيدة، فهو يوظف المعجم الطبيعي،
لبناء تشبيهات تجعلها (القصيدة) متماسكة لفظا و معنى، و هذا ما يعطيها قيمتها
الفنية و الجمالية.
فالشاعر يعتمد التشبيه العددي، إذ إنه يقرن
الصلاة على النبي، بعدد الأشياء الموجودة في الطبيعة كأن يقول مثلا: "الصلاة
على نور العز ماليها حز كَد الأغصان اللي ينهز هبتو الريح." ففي هذا البيت
يشبه الشاعر الصلاة على النبي، بعدد الأغصان، و ما حركتها و تحركها من رياح، و ما
يجعل هذا النوع من التشبيه مميزا، عن غيره كونه تشبيها مطلقا، في الزمان و المكان،
و غير مقيد بمميزات تجعله خاص بفترة معينة دون أخرى، أو مكان معين دون آخر. فيجعل
من اللازمة التي تتكرر بين الفينة و الأخرى، الخيط الرابط بين مقاطع القصيدة من
جهة و يدرجها كلما رأى أن موسيقى القصيدة في حاجة إلى نفس جديد و رنة جديدة من جهة
أخرى،و يكون بذلك تغيير اللازمة مقرونا مباشرة بتغيير في القافية، و حرف الروي.
_____________________________________________________________
إضافة عن الشاعر (سيدي اعبيد بن لحسن بوعبيدي): شاعر بدوار أولاد جامع، درس
بالمسجد لمدة قصيرة بنفس الدوار، ثم انصرف إلى العمل بالحقل، و ذلك لكسب القوت
اليومي، و تأمينه لأبنائه، و كان قول
الشعر بالنسبة إليه –حسب ابنه مولاي عبد الرحمان بوعبيدي- الهاما روحيا فيحكي لنا
أنه في اليوم الذي سيتلقى فيه هذا الإلهام، رأى في المنام أن أحدا أتاه بطبق من
الثمر من نوع "الفكَوس" و ما إن بدأ يأكل منه –وفي هذه المدة نظم قصائد
كثيرة- حتى أتاه رجل آخر من دوار سيدي عبد النبي- و هم المعروفون جميعهم بقول
الشعر- فقال له: هات هذا التمر فإنكم لستم من أهله، فأخذه منه، و منذ ذلك الحين
بدأ أبناءه يموتون، فظن أن السبب هو ذلك الشعر، فبدأ يدعو الله أن ينجيه منه، و
فعلا غاب هذا الإلهام عنه بعد أيام.
ثـالثـا: نمـاذج الشعـر الــدينــي
1-صَلَّى آللَّهْ عْلِيكْ يَا رَسُولْ
آللَّهْ
2-كَْدْ آلْمَاشِي وْ كْدْ رَاشِي
3-كْدْ آلْمَغْرُوسْ مْنْ عْرَاصِي
4-كْدْ آلْغَلَّةْ وْ كْدْ آلْعُيُونْ آلْحَيَّاةْ
5-كْدْ آلْمَكْتُوبْ بْآلْفْهَامَة
6-كْدْ آللِّي فْآلسمَا مْعَ آللِّي فْآلْهَوَاتْ
7-كْدْ آلْمَخْفِي وْ آلظَّاهْرْ وَ آلْمَوْلَى وْرَاهْ
8-مْنْ قَبْلِي يْزِيدْ وْلْدْ دَامَا
9-يُومْ آلْحْسَابْ مَنْ عْمَلْ شِي يَسْتَنَّاهْ
10-مَا فَكْ هُرُوبْ مْنْ قْيَامَة
11-وَانَ عَارِي عَلِيكْ يَا رْسُولْ آللَّهْ
12-فِي بْنَاتَكْ طَامْعْ آلنْجَامَة
13-تَرْزَقْنِي فْآلذْكُورْ سَبْعَةْ مْنْ آلذْكَارْ
14-للِنَّابـِي رَاغْبـِي مْعَوَّلْ
15-هَاذْ آلْأَيَّامْ غَادْيَة رَكْبْ آلْحْجَّاجْ
16-نْمْشِي وْ نْوَلِّي بْآلسّْلاَمَة
17-نَمْشِي بْوَالْدَيَّ آوْلاَدِي بْآلنّْزُولْ
18-وْ نْزُورْ فِي أحْمَدْ لَمْجَادِي
19-بُو فَاطْمَة أُو بُو كَلْثُومْ
ظْرِيفْ آلْلثَّامْ
20-دَاخْلْ دَارْ آلْمِيرْ آلْهَادِي
21-وْ آلصْلاَةْ عَلَى آلنْبِي عَنْدِي مَا تْصْغَارْ
22-يَا آلْحْضَّارْ سِيدْنَا مُحْمَّادِي
الشــرح:
راشـي : تقال للشيء
الضعيف الوهن.
عراصي: الحقول، و خصوصا
حقول الفواكه.
يستناه
: ينتظره.
استأثر الشعر الديني من تراث بني هلال
بالشق الأكبر منه، خاصة الشعر الذي قيل في مدح الرسول (ص) و الشوق إلى زيارة
الديار المقدسة، و هذا ما لم تحد عنه القصيدة التي نحن بصدد تحليلها، فهي منذ
الوهلة الأولى تبتدىء بديباجة سار عليها تقليد الزجالين و هي الصلاة على الرسول،
أما الموضوع الرئيسي للقصيدة، فهو مدح الرسول، مستعملا في ذلك طريقة التشبيه، التي
تنبني عليها معظم أجزاء القصيدة.
تنبني القصيدة في إطار عام، يجعل منها دينية
بامتياز، تنقل لنا مدى تشبت الإنسان البدوي بكل ما له علاقة بالشريعة الإسلامية،
مما أدى إلى تغلغل حب الرسول في النفوس، و ما يوضح ذلك جليا هو لفظ
"كَد" الذي يدل على العددية، حيث نجد صاحبة القصيدة (*) تقرن الصلاة على
النبي بأشياء واسعة المجال، و مطلقة نسبيا في قولها: "المكتوب بالفهامة"
و هي لفظة تدل على أن الشاعرة تصلي على الرسول كثيرا، علَّها تحظى بشفاعته يوم
القيامة، و كقولها أيضا: "كَد اللي في السما مع اللي فالهوات" أي عدد ما
وجد في السماء، من نجوم، و كواكب، و الأرض، من مخلوقات، بعد ذلك، تنتقل إلى موضوع
ثان هو بمثابة نتيجة للموضوع الأول، حيث إن حب الرسول، و الصلاة عليه، تولد في
نفسية الشاعرة رغبة في زيارة الديار المقدسة، إضافة إلى طلب شفاعته يوم الحساب.
أما بالنسبة
للموسيقى الداخلية، فإن هناك تنوع في القافية و في حرف الروي (ش.ه.م.ر.د...)
بالإضافة إلى اعتمادها على بعض المحسنات البديعية، كالسجع مثلا و الذي نجده في البيت الأول (ماشي / راشي) و
الطباق ( السما ≠
الهوات) كل هذه العناصر متظافرة، تخدم غرضا واحدا و أساسيا، هو محاولة تحقيق
الرغبة المتمثلة في الاتصال بالعالم العلوي.
_________________________________________________________
(*) هي الشاعرة الزجالة "زينب
عبد الرحمان"، من مواليد دوار السميرة، قبيلة بني هلال، عاشت في العقود
الوسطى من القرن العشرين، و قد عثرنا على هذه القصيدة بواسطة الرواية الشفوية، من
إحدى المغرمات بهذا الفن: "عربية بنت محمد بن الحبيب".
1- آلصْلاَة عْلـى رَسُـولْ آللَّــهْ
2- ذَكْرَ آلنْبِي عَنْدِي مَا حْلَاهْ
3- بِسْمِ آللَّــهْ رَافَــعْ لَحْكَـــامْ
4- وَ آلْكُرْسِي وَ آلْعَرْشْ تْمَـامْ
5- آلْقُــــدْرَةُ بِـــــالـــــزِّمَــــــامْ
6- خَلَــقْ آلـــدُّنْيَــا وَ آلْقُـــرُونْ
7- آلسَّمَـــــاواتْ وَ آلْأَرْضُــــونْ
8- تْـــرَجْـتْ مَــا رَدَّتْ سْكُـونْ
9- خَلَـــقْ آللَّيْــــلْ وَ آلنَّهَـــــارْ
|
بُــــو فَـــــاطْنَــــة مُحَمَّـــــــدِ
بَــاسْمُـــو كَثَّــــرْتْ تَمْجَــادِي
سَبَّـــكْ آللُّــــــوحْ وَ آلْقَلَــــــمْ
وَ آسْمِيـــــــــــتْ مُحَمَّــــــــدِ
قَبْـــــلَ أَنْ تَخْـــــلُقْ آلْعِبَـــــادِ
وَ آلْمَــلَائِكَــــة وَ آلْجُنُـــــــــونْ
فَــــآلْمُلْكْ مَـــا لُــــو جَــاحِـــدِ
نَـــزَّلْ عْلِيــــهَــا لُــــــوتَـــــــادِ
خَلَــقْ آلشَّمْـــسُ وَ آلْقَمَـــــرْ
|
10- وَ نْجُومْ فْآلْجُوْ تْكَادِي
خَلْــــقْ آلْمَـــوْتْ وَ آلْإِلْحَـــــادِ
رْسْـــلْ لِينَـــا رَبْعَـــةْ كْتُــــوبْ
آلْفُــــــــرْقَـــــــانْ لْمُحَمَّــــــدِ
وَ آلــــــزَّبُــــــــورْ لْـــــــــــدَاوُدِ
مَـــــنْ آلتُّـــــرَابْ رْفَـــــدْنَــــــا
عْطَسْنَـــــــا وَ تْكَعَّــــــدْنَـــــــا
|
11- خَلَقْ آلنَّــاثِ وَ آلـــذَّكَـــرْ
12- سُبْحَــانْ عَـلاَّمْ آلْغُيُــوبْ
13- مُطَهَّرَةٌ مِــنْ كُــلِّ عُيُوبْ
14- الإِنْجِيـــــلْ وَ آلثَّــــــوْرَاةْ
15- سُبْحَــانْ آلْحَيِّ خْلَقْنَــا
16- بْقُــــــدْرْتُ صَـــــوَّرْنَـــــا
|
17- أُو حْمَدْنَا بَآلْحَامِـــدِ
بَنْعَــــــايْمْهَـــــا تَنَعَّمْنَـــــــا
لَا تَـاكْلُـو شِـي مَـنْ هَذِي
فِيهَـا نْكُـونُـــو خَــــالِـــــدِي
شَـافْ آلنُّـورْ عْلَى مَا بْهَـاهْ
أُونُـــــــــورًا مُحَمَّــــــــــــــدِ
هُمَــا سْبَـــــابْ آلْحَسَـــــدِ
وَقْـــفْ فِــــي بَــابْ آلْجَنَّــة
وَ آلطَّيْـــرْ هُـــوَ آلْفِـــــدَادِي
بِــآلْمُوسِيقَــى وَ يْكَصَّــــبْ
كَـــالْـــتْ لِيــهْ لِــيَ قَـــرَّبْ
|
18- يَــاكْ لَلْجَنَّــة
دَخَّلْنَـــــا
19- عَـلْ آلشَّجْــرَة وَصَّنَــــا
20- هَــذِ جِنَّــةُ آلرَضْـــــوَانْ
21- دْخَــلْ لِلْجَنَّـةَ وَحْــــدَهْ
22- صَوَّرْ آلْحَقّْ عْلَى مَعْنَاهْ
23- آللَّفْعَـة وَ آلطَّيْـرْ مْعَــاهْ
24- جَــايْـبْ لِي سَعْدُونَــة
25- أَرْبَعَــةَ عَشَــرْ سَنَـــــة
26- دْخَــلْ لِلْجَنَّــة يَلْعَــــبْ
27- دَاكْ آلْكَــافَــرْ لَمْعَجَّــبْ
|
28- حَتَّى نْشُوفْكْ
بَآلتَّمَادِي
رَاجْلَــكْ جَـــابْ عْلِيــكْ مْــرَة
غَيْــرْ بْحَـــالَــكْ بَــآلنَّظْــــــرَة
|
29- كَالْ لِيهَا شِينْ
آلصُّورَة
30- لَعَلَّهَـا شِـــي ضَـــــرَّة
|
31- بَعْدَ كِيفْ نْتِي هَذِي
أنْـــتَ مَـــا فِيـــكْ آلنِّيَـــــــة
جَبْــتْ مْـــرَا كَـــدْهَا كَــدِّي
يْنَغَّــصْ لِــيَ طِيــبْ رْكَـدِي
هَـــــا شَجَـــرَة آلْمُنْتَهَــــى
نَقْطَــــفْ مَنْهَـــــا بِيــــــدِي
أَوْ تَقْضِــي لِـــيَّ غَــرَضِــي
يَـــاكْ آلْمُـــولَــى وَصَّـــانَـــا
كِيـــفْ نْكَُـــولُـــو لَمُــولاَنَـــا
|
32- كَــالْـتْ لْرَجَلْهَا هِـــيَ
33- رَاكْ تَــزَوَّجْتِ عْلِـــــيَّ
34- شَتْهَــا خْلَاصْ بْعَيْنِيَّ
35- إِلاَ كَُلْــتْ آهَـــوَاهَــــا
36- نَاكْلُو بْجُوجْ حْنَا مَنْهَا
37- تَمَّ عَقْلِي يَنْسَاهَــــا
38- كَالْ لِهَا هُوَ مَسْكِيـنْ
39- خْطَبْ عْلِينَا وَ نْهَانَـــا
|
40- إِلَى غْدَرْنَ فَآلْعَاهِدِي
عُــدْنَــا فِيهَــا مُسْتَــــدِي
بُــــــوفَــــاطْنَـــة مُحَمَّـــــدِ
|
41- وَآكْثَـرْ إِلَى كَلْنَا
آلْأَمَانَـــة
42- آلصَّلاَةْ عَلَى رَسُولْ آللَّهْ
|
الشــرح:
سبّكَ: أعطى الأولوية و
الأسبقية.
تكَادي: تضيء و تنير.
يبدأ الشاعر (*) قصيدته هذه و
كعادة جل شعراء قبيلة بني هلال، بالصلاة و السلام على محمد صلى الله عليه و سلم، و
بالبسملة التي يعدها من الضروريات، التي لا يمكن التخلي عنها، و هو بذلك يحاكي بشكل أو بآخر، شكل
"القصيدة الجاهلية" التي غالبا ما تبتدىء بالغزل، أو ذكر ديار المحبوبة
و الأطلال...
و بعد ذلك يتأمل الشاعر في
الكون، مستحضرا قدرة الله العظيمة، و المتمثلة في خلقه للسموات و الأرض، و الكواكب،
و النجوم، و الشمس، و القمر، إلى المخلوقات، و تعاقب الليل و
النهار، و هذه العظمة كلها (عظمة الكون)، إنما هي دليل قاطع على عظمة الله الخالق،
لينتقل بنا إلى البدايات الأولى للبشرية، و كأنه بذلك يقف متحسرا على ما فرط فيه
الإنسان الأول، أبو البشرية آدم، و ذلك بمعية حواء من فضل، و خير، و نعيم، بسبب تطلعهما إلى أشياء من نسج
الخيال و لا وجود لها في أرض الواقع. فالشاعر هنا يصور لنا قصة آدم و حواء، اللذين
خرجا من الجنة خائبين بسبب غرورهما، و اتباعهما لتعاليم الشيطان السلبية، و كيف أن
هذا الأخير استطاع أن ينجح في عمليته الشيطانية المدبرة، من أجل الإيقاع بالضحيتين
(آدم و حواء) الذين نشب بينهما صراع، هذا الصراع الذي اتهمت فيه حواء آدم بالزواج
بآمرأة ثانية، و من أجل نجاح العملية، أمر الشيطان حواء بأن تأمر هي الأخرى زوجها
بالأكل من الشجرة التي أوصاهما الله بأن لا يأكلا منها، كي لا يكونا من الخاسرين،
لتتأكد من أنه لم يتزوج فعلا، فكانت بذلك شريكة الشيطان في هذه العملية، النكراء،
ليخرج الأخير من هذه القصة "بطلا" و يتبرأ من الضحيتين اللذين نقضا عهدا
كان قد عقد بينهما و الله عز و جل، و
هو ما جعل الإنسانية تجازى بحسب ما فعلته، فكان الجزاء هبوطهما من الجنة، دار
النعيم، و السعادة الأبدية، و ما يميز هذه القصيدة، أنها حافلة بالرموز، و
العلامات من الناحية الدلالية، المستوحاة من المعجم الثقافي الشعبي تؤتثه تصورات
خرافية، أسطورية، و دينية متراكمة، أغنت الحقل الثقافي الشعبي، لكثرة تداولها بين
العامة، إلى درجة التصرف في متنها الحكائي، عن طريق الزيادة، و النقصان، حتى
تتلاءم و مجريات القصة التي يروم الشاعر أو الفنان عموما تقديمها، و هـذا ما نلمسه
في هذه القصيـدة،
___________________________________________________________
*
هذه القصيدة لشاعر هلالي مجهول الاسم، و قد عثرنا عليها عند أحد المهتمين بحفظ
الشعر بدوار أولاد جامع، و اسمه محمد بن داني.
حيث إن الشاعر يأخذ قصة خروج آدم و حواء عليهما السلام، من الجنة، فيعيد
صياغتها وفق منظومة ثقافية محددة المعالم، فتكون هذه الثقافة السائدة، هي المفتاح
الأساسي لأي نص كان، و قد عالج بن طفيل قصة خروج آدم من الجنة، و نزوله إلى الأرض،
في قصته المشهورة "حي بن يقظان" و التي تفيد أن هذا الأخير، هو نتيجة
زواج سري بين رجل و امرأة (الخطيئة).
فالأساس في هذين العملين:
(القصيدة، و قصة حي بن يقظان) يتعلق بالنظرة الدينية و خروج الإنسان من الجنة،
بسبب ارتكابه الخطيئة المذكورة، و بالإضافة إلى تقاطع النصين في المصدر الديني،
فإنهما أيضا يشتركان في عنصر أساس، هو مرتكب الخطيئة، و هي المرأة، و قد رمز لها
الشاعر في القصيدة بالأفعى، و هي رمز قديم قدم الثقافة العربية، إلا أنه اكتسى
خصائص جديدة في حياة الإنسان الهلالي، حيث إن صورة المرأة / الأفعى متداولة بكثرة
في الحياة اليومية، و حتى في الخطاب العامي البسيط، نظرا لما تحمله المرأة من صورة
قاتمة في المخيلة الشعبية، و المستمدة جذورها من النظرة التشاؤمية الجاهلية
للأنثى، باعتبارها مفتاح الشرور، و الآثام، فبالرغم من أن المرأة تمثل الخصب، و
العطاء، و اللين، و تشترك في كثير من خصائصها بالنخلة، و البيضة و القمر... فإن هذا لا ينفي عنها
صورة الشر، و المكر، و الخداع، و الخطيئة، و هذا ما نخلص إليه من خلال هذا التشبيه
في القصيدة، بل حتى في الثقافة الهلالية يقال لمن تزداد عنده فتاة "طَاحْتْ
عْلِيهُمْ نْوَالَة" بل أكثر من ذلك، فالنساء لا يزغردن عند ازدياد فتاة عكس
الفتى، أو الطفل.
كذلك نجد حضور رمز الطائر بقوة
في القصيدة، من حيث كونه مشاركا في نسج خطة خروج آدم و حواء من الجنة، و قد ارتبط
الطائر في الذاكرة الشعبية بالشؤم، و سوء الطالع، خاصة بعض
الأصناف منها كالغراب، و البوم، هذا فضلا عن كونه يمثل حياة الترف، و
المجون، و الطرب، و الموسيقى، التي
تتناقض و عادات المسلمين، الذين يؤثرون حياة الزهد، و التبتل في المساجد، فالطائر في القصيدة رمز
الشيطان، الذي تعهد بأن يظل عدوا لذوذا للإنسان منذ نشأة الكون، إلى أن يرث الله
الأرض و من عليها.
أما من الناحية الموسيقية،
فالشاعر يستعمل حقلا موسيقيا يتشكل من اللعب بالألفاظ، إما في شكل جناس شبه تام
(القرون/الجنون، يلعب/يكَصَّب، ضرة/نظرة...) أو طباق يعتمد المقابلة بين الألفاظ
(الناتي≠الذكر، الليل≠النهار...).
انطلاقا من هذا، نخلص إلى حرص الشاعر على الايقاع الموسيقي للقصيدة، بمقدار
حرصه على المعنى، و يتجلى ذلك بوضوح، إذا تفحصنا البناء الخارجي للقصيدة، حيث إنه
لا يقيد نفسه بقافية موحدة، تفاديا للسقوط في التكرار من جهة، و محاولة منه لإيجاد
طريقة مسايرة لتطور القصيدة الزجلية عبر الأزمان من جهة ثانية.
1-وْ آلصّْلاَةْ عْلِيهْ كَْدّْ
آلْمِيمْ وْ جُودْ آلْكْرِيمْ
2-آللَّهْ يْنْعَلْ آلرَّجِيمْ يْحَيَّدْ بْلاَهْ هُوَ وْلَى آلنَّفْسْ
مْعَدِّي
3-يْشْمْتْ وْلاَدْ دَامَا مَا عَنْدْ بَّاهْ قُولْ
4-وْ يْظَلّْ فِي آلْكْذُوبْ يْسَدِّي
5-يَا جَامْعْ مْنْ حْضَرْ كَُولُو لُو مَنْعُولْ دَايْمَا يَا وْدِّي
6-وَ آلصّْلاَةْ عْلِيهْ كَْدّْ آلزَّيْ يْسَكَّمْ آلرَّيّْ
7-وْ عْدَادْ مَنْ كْدَا وْجْبِي وَ عْرْبَانْ فِيهْ
8-عْرْبَانْ زَامَّة تْسْكَِي وْ تْحْلْبْ حْلِيبْ
9-وْ عْدَادْ مْنْ جْدَيَّة وْ جْدِي
10-وْ عْدَادْ كَسْبْ وْلْدْ آلشَّاذِي
11-وْ آلصُّوفْ وْ آلشّْعَرْ وَ آلْخَيْطْ آللِّي مْنُّو مَغْزُولْ
دَايْمَة يَا وْدِّي
12-وَ آلصّْلاَةْ عْلِيهْ كَْدْ آلطَّايَا مُولْ آلْعْطَا
13-وْ نَاوِي نْزُورْ مَا نَبْطَا
14-كِيفْ هِيرِي خْفِيفْ يْتْطْوَا طَا مَا هَمُّو وْطَا
15-مَا دَوَّبْ مَا جَفَّرْ مَا كَزّْ آلْكَزَّةْ
16-وْ اِلَى هْدَرْ تْكَُولْ رْعَادِي
17-كَْضَا تْبَنَّكْ رُوهْ كْوَارْ كْحُولْ وَ آلصّْلاَةْ عْلَى آلنْبِي
يَا وْدِّي
18- وَ آلصّْلاَةْ عْلِيهْ كَْدْ آلنُّونْ
19-وْ جْمّْ آلْعْيُونْ
20-وْ عْدَادْ بَيْعْ فِي آلْمْدُونْ
21-عْلَى كُلّْ لُونْ
22-وَامَّاجْ غَرّْقْتْ فِرْعَوْنْ
23-آلْبْحَرْ آلطّْمُومْ
24-وْ آللِّي شْرَا وْ بَاعْ يَا وْدِّي
25-وْ نْكُونْ فِي قْبَرْ بْفْرُوسُو مَهْفُوتْ
26-مَا فِيهْ سِوَى يَانَا وَحْدِي
27-وْ نُورَكْ يْكُونْ ضَوِّي
28-يَا فَكَّاكْ آلْأُمُورْ يَا مُولاَي مُحْمَّادِي
الشــرح:
كَــد : نقول كَد أو عدد و هما بنفس المعنى.
يْحِيّــد : يُزيل
مَنْعُولْ : باللغة الدارجة تعني ملعون
يْسَكََّمْ الرّي: يقومه
و يعدله بعد اعوجاجه و حياده عن الصواب.
إن الشاعرة الزجالة "زينب
عبد الرحمان" (*) -صاحبة القصيدة- تتوق لزيارة الكعبة المشرفة، و تعكس في
قرارة نفسها تشبتها بالدين الإسلامي الحنيف.
لقد تظافرت مجموعة من العوامل،
و العناصر، في هذه القصيدة لخدمة المعنى العام، فمن حيث الموسيقى الداخلية، نجد
هناك تعددا في القافية، و حروف الروي، فهو يتغير غالبا في كل بيت كلما تغير
المعنى، و يتغير بذلك الحرف، الذي ينبني عليه كل مقطع، و هي ثلاثة أحرف و هي
(الزاي، و الطاء، و النون).
تعتمد الشاعرة هذا النوع من
توليد القافية، لأخذ نفس جديد في كل مرة، اتقاءً للسقوط في تكرار حرف واحد يشعر
السامع بالملل.
و بما أن الشعر الشعبي، يعتمد
الرواية الشفوية، فإنه لابد في كل مرة من تغيير روي القصيدة، لجلب السامع
(المتلقي) و شده إلى الملقي (المرسِل)، هذا فضلا عن كون الشاعرة الزجالة تعتمد
مقاطع موسيقية خفيفة كثيرة التكرار.
أما بخصوص المعجم، فهو معجم
طبيعي بآمتياز، يصور حياة البادية بكل تلوناتها فيكون حضور ألفاظ مثل (الجدي، الري،
الشعر، الوبر...)
كلها ألفاظ مقتبسة من الحياة اليومية، البدائية، البسيطة التي يحياها
الإنسان البدوي، و التي في مجملها تعتمد على مسائل تقليدية،
كالإبل، التي هي الوسيلة الأساسية للتنقل، و الحليب الذي يمثل مصدر الغذاء، و الري الذي
يحيلنا على حياة الرعي، و الترحال، كأنشطة اقتصادية بالإضافة إلى
الشَّعر، مغزول... فإنها ألفاظ مرتبطة بحياكة الخيام، و الملابس، هذه
الأخيرة التي غالبا ما يعتمد فيها وبر الإبل، و صوف الأغنام، و شعر الماعز، كمادة
أولية.
و بعيدا عن الحياة اليومية البسيطة، نلاحظ أن في القصيدة إحالة على قصة
فرعون، و هذا يبرز غنى الحقل الثقافي، فهو يمزج بين ما هو ديني، و ما هو اسطوري،
مع إعطاء لمسة من الواقع المعاش، يبين من خلالها ثقافة محلية تحمل مميزات الظروف
التي أنتجتها.
_________________________________________________________
(*)
هي زينب عبد الرحمان، من مواليد دوار السميرة، قبيلة بني هلال، لها قصائد كثيرة لم
نعثر إلا على قليل منها، و قد كانت مغرمة بحفظ القصائد الزجلية، روتها لنا عربية
بنت محمد بن لحبيب.
رابعــا: نمـاذج الشعـر التــاريخــي
1-بِسْمِ آللَّهْ بِهَا نَبْدَاْ
2-نْحْكِي
لِلسَّامْعْ قِصَّةْ آلْعْدَا
3-عْلَى آلْمَلِكْ
دَازْتْ آلشّْدَّةْ
4-مْنْ جْمَاعْةْ
آلشَّيْطَانِي
5-عَشْرَةْ
جْوِيِّي فِي نْهَارْ آلسّْبْتْ
6-وَاحْدْ وَ
سْبْعِينْ كَانْتْ وَلاَّتْ
7-مْعَ آللَّهْ لاَ حِيلَة خْدْمْتْ
8-رَافْعْ
الاَحْكَامْ آلْفُوقَانِي
9-خَاذْ آلرَّشْوَة
آلْمَذْبُوحْ بُوكَرْشْ
10-وْ نْوَى
يْتْوَلَّى لِلْعَرْشْ
11-سْكْرْ وْ
وَلَّى مْتْحَشَّشْ
12-خْدَعْ
آلشَّعْبْ آلرَّبَّانِي
13-ظَهْرَتْ لَهُ
فِكْرَة
14-مْنْ
آلْحْشِيشَة دَارْ سَكْرَة
15-وَ آجْمَعْهُمْ
يَا حَسْرَة
16-شَرَّبْهُمْ فِي
آلْكِيسَانِي
17-سَارْ آلْعْدُو
آلاَكْبَرْ
18-يْحَدَّتْ فِي
آلْعَسْكَرْ
19-بْغِيتْ
نْرَيَّبْ آلْقْصَرْ
20-شِي وَاحْدْ لاَ
يْتْوَخَّرْ
21-تَمَّا نَبْقَى
هَانِي
22-فَاتْ حْلَفْ
فِي آلْمَصْحَفْ
23-سَارْ
بِآلْكْذْبْ يْتَفْتَفْ
24-عَاهْدْ آللَّهْ
مَا يْخَالْفْ
25-جَلَّتْ
قُدْرَةْ آلْفُوقَانِي
26-لَمَّا وَعْدُو
آلْقْصَرْ
27-شِي وَاحْدْ مَا
فَكَّرْ
28-عْمَاتْ لِهُمْ
آلْبْصَرْ
29-سَارُو
بِآلْكَذِبْ وَ آلْبُهْتَانِي
30-قَطْعُو
آلتِّلِيفُونَاتْ
31-وْ جْمِيعْ
آلْمُوَاصَلاَتْ
32-فْآلْحِينْ
آلنَّارْ كَْدَاتْ
33-حْفَظْ آللَّهْ
آلْحَسَانِي
34-لَمَّا قَالُو
نْجْحُو
35-آللِّي بَيَّنْ
لِهُمْ فَرْحُو
36-أَمَامْ آللَّهْ
تْفَضْحُو
37-وْبْقَى
آلشّْرِيفْ آلسُّلْطَانِي
38-فِي آلْحِينْ
شَدُّو آلرُّهَّابْ
39-سَارُوا بِيهُمْ
إِلَى آلْعَذَابْ
40-كَامْلِينْ
جَاوْبُو بْجْوَابْ
41-يَحْيَ
آلْمَلِكْ آلْحَسَنِ
42-آلرَّاهْبْ
أُوفْقِيرْ تْكَلَّمْ
43-هَادْ
آلْحِيلاَتْ مَا نَفْعْتْكُمْ
44-كَامْلِينْ
تْمُوتُو بِآلْعْدَمْ
45-أَقَتَّالِينْ
آلضِّيفَانِي
46-مْنْ صْلاَةْ
آلصُّبْحْ إِلَى آلْغَشْيَانْ
47-نْهْزُّو
كْفُوفْنَا لِلرَّحْمَانْ
48-يْعِيشْ لِنَا
هَذَا آلسُّلْطَانْ
49-فِي حِفْظْ
آللَّهْ يَبْقَى هَانِي
50-يَا رْبِّي يَا
مُهِيبْ
51-آصْلَحْ وْ
عِينْ شَعْبْ آلْمُغْرِبْ
52-وَ آلْمَلِكْ
آلْحَبِيبْ
53-بْجَاهْ آللَّهْ
وَ آلْقُرْآنِي
54-يَا رْبِّي
نَجِّيهْ وْ حْضِيهْ
55-خَلِيفَةْ
آلْإِلَهْ فِي أَرْضِهْ
56-هَاذْ
آلسُّلْطَانْ شَعْبُو يْبْغِيهْ
57-كْبَارْ وْ صْغَارْ وَ صْبْيَانِي
58-يَا رْبِّي يَا
صَدِّيقْ
59-كُنْ لَنَا وَ
لَهُمْ رَفِيقْ
60-يَوْمْ
آلْحَزَّاتْ وْ يُومْ آلضِّيقْ
61-يُومْ آلْعَرْضْ
وَ آلْمِيزَانِي
62-آسْتَجْبْ لِنَا
آلإلَهْ آلْوَاحْدْ
63-يْعِيشْ عَبْدْ
آللَّهْ آلاَمْجَدْ
64-وْ آلاَمِيرْ
سِيدِي مُحَمَّدْ
65-نَجِّيهْ مْنْ
كُلّْ عْيَانِي
66-يَا عَزِيزْ وْ
يَا جَبَّارْ
67-آرْحَمْ
آلْخَامِسْ آلاَعْظَمْ آلاَكْبَرْ
68-جْعْلُوا مْنْ
جْوَارْ آلْمُخْتَارْ
69-نِعْمَ
آلرَّسُولْ آلْمَدَانِي
70-يَا
آلسّْلْطَانْ جِيتْ نَهَنِّيكْ
71-فِي عِيدْ
آلْعَرْشْ نْبَارْكْ لِيكْ
72-كَنْطْلْبُواْ
آلْمَوْلَى يْحْمِيكْ
73-مْنْ جْمِيعْ
آلْعِدْيَانِي
74-نَاظْمْ
آلْبْيُوتْ كَانَّكْ تْسَالْ
75-إِسْمُهُ
آمْحَمَّدْ ضْعِيفْ آلْحَالْ
76-أَوْلاَدْ
جَامْعْ بَنُو هِلاَلْ
77-فْمْ زْكَِيدْ
هَذَا عُنْوَانِي
الشــرح:
النار كَدات: بمعنى اشتعلت بشدة
هذه القصيدة تاريخية، و هي للشاعر الهلالي عبد الوالي امحمد(*)، من مواليد
قبيلة بني هلال بدوار أولاد جامع، عاش مرحلتين من مراحل التحول التي عرفها المغرب
في تاريخه، و هما مرحلتا الاستعمار، و الاستقلال، فآنطبعت تجليات تلك الظرفية
التاريخية، على نظرته للأحداث التي أعقبت الاستقلال، و هذا ما حاول أن يصوره في
قصيدته هذه، التي جمعت بين ما هو اجتماعي، و تاريخي، و سياسي. و ما جعلنا ندرج هذه
القصيدة ضمن القصائد التاريخية، كونها تعتمد على التقريرية، و المباشرية، في تقديم
الأحداث، و كذا خلوها من الصور الشعرية،
فبعد المقدمة التي استهلها بالبسملة، ينتقل مباشرة إلى الغرض الرئيسي من القصيدة،
و هو الحديث عن واقعة الانقلاب التي تعرض لها ملك المغرب الحسن الثاني، خلال مرحلة
حكمه. هذه الأخيرة التي باءت بالفشل، و نجا ملك المغرب بأعجوبة منها، على حد قول
الشاعر، ليختم قصيدته و كعادة بعض الشعراء الهلاليين بعنوانه الكامل، و ربما تعود
هذه العادة إلى تخوفهم مما يعرف في الشعر العربي "بالسرقات" الشعرية، أو
ما يسمى عند رجاء عيد "بالتضمين"، و عند صبري حافظ
"بالاقتباس"، و هي ارهاصات أولى لما يعرف الآن "بالتناص"، و
قد أحسن أحمد طاهر في محاجة البحتري لما ادعى عليه السرقة قوله:
و الشعر ظهر طريق انت راكبه فمنـه منشعــب و غيــر منشعــب
و ربما ضم بين الركب منهجـه و
ألصق الطنب العالي على الطنب
________________________________________________________
(*)
هو امحمد عبد الوالي، من مواليد دوار أولاد جامع بقبيلة بني هلال، و هو لازال على
قيد الحياة، و نُعده مخضرم تاريخ المغرب، لأنه عاش مرحلة الاستعمار، و مرحلة الاستقلال،
و هذا ما جعله يختار في هذه القصيدة موضوعا تاريخيا، عَبَّر فيه عن الأحداث التي
طبعت فترة من فترات المغرب.
1-بِسْمِ آلْإِلَهِ أَبْتَدِي
2-فِي قَصْدِيَّا وَ الاَنْشَادِي
3-ثٌمَّ آلصَّلاَةْ عَلَى آلْهَادِي
4-نِعْمَ آلرَّسُولِ آلْعَدْنَانِي
5-إِسْمَعُوا أَيُّهَا آلْإِخْوَانْ
6-لِمَا جَرَى فِي ذْ آلزَّمَانْ
7-مِنَ آلفُجَّاِر وَ آلطُّغْيَانْ
8-مِنَ آلْكُفَّاِر آلْعِدْيَانِي
9-مِنْ جِنْسٍ يُدْعَى بِفْرَنْسَا
10-قَدْ دَخَلُوا آلْمَغْرِبْ آلاَقْصَى
11-وَ آنْتَهَزُو فِيهِ آلْفُرْصَة
12-وَ آشْتَغَلُوا بِآلْعُمْرَانِ
13-وَ مَلَكُوا كُلَّ بِلاَدْ
14-مِنْ جَبَلٍ وَ كُلَّ وَادْ
15-وَ شَدَّدُوا عَلَى آلْعِبَادْ
16-بِآلْخِدْمَةِ وَ آلْمِحَنِ
17-وَجَدُوا بَعْضَهُمْ جُهَّالْ
18-وَ أَمْرُهُمْ فِيهِ آلْخَبَالْ
19-فَبَدَّلُوا آلْحَقَائِقَا
20-وَ وَلَّوْ آلزَّنَادِقَا
21-بِشَرْعٍ غَيْرِ لاَئِقَا
22-مَعَ آلزُّورِ وَ آلْخُدْعَانِ
23-تَرَاهُمْ مُجْتَهِدِينْ
24-فِي كُلِّ وَقْتٍ ثُمَّ حِينْ
25-فِيمَا يَضُرُّ آلْمُسْلِمِينْ
26-مِنْ آلدَّعَاوِي وَ آلْفِتَن ِ
27-وَ تَرَى أَهْلُ آلشَّهَوَاتْ
28-مُعَمِّرِينَ آلْبِيرُوَّاتْ
29-وَ يَأْخُذُونَ فِي آلرَّشْوَاتْ
30-مِنْ سُكَّـٍر وَ كَتَّانِي
31-يَقُولُ آلشَّيْخْ هَاتِ آلدَّجَاجْ
32-وَ آلْأَكْبَاشِ دُونَ آلنِّعَاجْ
33-آلصِّينِيَّة وَ آلْمُقْرَاجْ
34-وَ آلْبَلاَّرْ هُوَ آلْكِيسَانِي
35-فَقَالَ آلْكَْلاَوِي آلْبَاشَا
36-أَنَا نَحْمِي مُرَّاكُشَا
37-مِنْ آيْتْ أُورِيرْ إِلَى فْضَالَا
38-مِنْ وَارْزَازَاتْ لْمُغْرَانِي
39-يَاتُو جَمِيعًا بِآلْهْرَاوَا
40-فَنَحْنُ مَعَهُمْ خَاوَا
41-سِوَى مْحَامِيدْ آلْغُزْلاَنِي
42-وَ سَارَ شَقِيقُ آلنَّمْرُودْ
43-يَكْتُبْ وَ يَجْمَعْ آلشُّهُودْ
44-مِنْ مُسْلِمِينَ وَ يَهُودْ
45-بِرَفْعِ هَذَا آلسُّلْطَانِ
46-قَامَ مُقِيمْ آلنَّصَارَى
47-وَ مَعَ بَعْضِ آلْوُزَرَا
48-وَ قَالُواْ فِي آلْمُذَاكَرَا
49-نَعْزِلُ هَذَا آلسُّلْطَانِ
50-قَالَ يُرْفَعُ فِي آلطَّيَّارْ
51-وَ يُوضَعُ وَرَا آلْبِحَارْ
52-فِي بِلاَدِ مَدَغَشْقَرْ
53-فِيهَا يَبْقَى مُرْتَهِنِ
54-فَإِمْتَثَلَ أَمْرَ آلرَّبّْ
55-فَصَارْ يَقْضِي آلْوَاجِبَا
56-بِمَدِينَةِ سِرَابَا
57-حَوْلَ بِلاَدِ آلسُّودَانِ
58-أَتَوْ بِإِبْنِ عَرَفة
59-شَيْخٌ هَرِمٌ فِي آلصِّفَة
60-وَ قَالُوا كُلُّهُمْ شْرْفَة
61-مِثْلَ آلْأَوَّلْ مِثْلَ آلثَّانِي
62-أَتَوْا بِهِ كَبِيرَ آلْكَرْشْ
63-وَ أَجْلَسُوهُ عَلَى آلْعَرْشْ
64-بَزْيِفِه
يَمْسَحْ آلْعْمَشْ
65-مِنْ عَيْنَيْهِ وَ آلْأَذَانِ
66-إِذَا مَشَى كَيْتْوَاطَى
67-لِحْيَتُهُ مِثْلَ آلْقَرْطَا
68-مُلَثِّمُهَا بِآلْفُوطَة
69-عَامْرْ وْسَخْ وْسِيبَانِي
70-فِي جَيْبُو كُوزَةُ آلنَّفْحَة
71-كَلاَمُهُ فِيهِ آلْكُحَّة
72-إِلَى تْكَلَّمْ تْشْدُّواْ آلْكُحَّة
73-فُقِدَتْ مِنْهُ آلْأَسْنَانِ
74-لَوْ كَانَتْ لَهُ بَصِيرَة
75-يَذْهَبْ يَجْلِسْ فِي آلْمَقْصُورَة
76-يَسْاَلْ مَوْلاَهُ آلْمَغْفِرَة
77-أَوْ يَكُونَ مُؤَذِّنِي
78-لَمَّا خَرَجَ لِلصَّلاَة
79-بِآلْعَسَاكِرْ وَ آلْمِظَلَّة
80-ضَرْبُواْ عَلاَّلْ بْنْ عَبْدْ آللَّهْ
81-رَئِيسَ كُلِّ شُجْعَانِ
82-قَصَدَهُ بِآلسَّيَّارْ
83-دَهَسَ آلْفَارِسْ فَآنْكَدَرْ
84-ضَرَبَهُ بِخِنْجَـِر
85-فَظَنَّ أَنَّهُ فَانِ
86-لَمَّا أَرَادَ أَنْ يُعِيدْ
87-لِيَقْطَعَ حَبْلَ آلْوَرِيدْ
88-مَنَعَهُ بَعْضُ آلْعَبِيدْ
89-فَضَرَبَهُ نَصْرَانِي
90-فَبِهَذَا آنْقَضَى آلْأَجَلْ
91-فَمَاتَ صِنْدِيدُ آلرِّجَالْ
92-مِنْ يَوْمِنَا لِلْمُسْتَقْبَلْ
93-لَيْسَ يَكُونْ لَهُ ثَانِ
94-ثُمَّ أَتَوْهُ آلْمُسْلِمِينْ
95-فَحَمَلُونَهُ فِي آلْحِينْ
96-بِآلْهِلاَلاَتِ وَ آلتَّلْقِينْ
97-ثُمَّ سُوَرْ آلْقُرْآنِ
98-صَلَّوْ عَلَيْهِ بِآلصُّفُوفْ
99-لَمَّا وَقَفُوا بِآلْأُلُوفْ
100-وَ تَضَرَّعُواْ بِآلْكُفُوفْ
101-يَسْكُنْ فِرْدَوْسْ آلْجِنَانْ
102-فَمَنْ مَاتَ مِنَ آلْوَطَنْ
103-فِي جَنَّةِ آلنَّعِيمْ سَكَنْ
104-وَ مَعَ آلْحُورِ وَ آلْوِلْدَانْ
105-وَ فُرُشٍ وَ أَوَانِي
106-بُشْرَى لَنَا يَا شَعْبَنَا
107-قَدْ حَقَّقَ آللَّهُ آلْمُنَى
108-وَ زَالَ آلضَّغْطُ وَ آلْعَنَا
109-حَيْثُ رَجَعَ آلسُّلْطَانِ
110-أَهْلاً بِآلْمَلِكِ آلْأَمِيرْ
111-وَ طَلْعَةِ آلْبَدْرِ آلْمُنِيرْ
112-خَلِيفَةِ آلنَّبِي آلْبَشِيرْ
113-مُحَمَّدٍ آلسُّلْطَانِ
114-فَلْتَعِشْ أَيُّهَا آلْمَلِكْ
115-وَ يَحْفَظُنَا آللَّهُ فِيكْ
116-أَنْتَ وَ وَلِيُّ عَهْدِكْ
117-آلْأَمِيرْ آلْمَوْلَى آلْحَسَنِ
118-ثُمَّ آلْأَمِيرْ عَبْدْ آلْإِلَهْ
119-وَ آلْأَمِيرَةَ عَائِشَة
120-وَ
مَلِيكَةَ وَ نَزْهَةْ
121-آمِنَةَ حَوْرُ آلْجِنَانِ
122-جَزَاهُمُ آلرَّبُّ آلْجَلِيلْ
123-بِآلرِّضَى وَ آلْأَجْـِر آلْجَزِيلْ
124-عَيْنًا تُسَمَّى سَلْسَبِيلْ
125-يَشْرَبُونَ بِآلْكِيسَانِي
126-آلُ آلرَّسُولِ حُبُّكُمْ
127-هَيَّمَنِي فِي مَدْحِكُمْ
128-مَتَّعَنَا آللَّهُ بِكُمْ
129-بِآلنَّصْرِ طُولَ آلزَّمانِ
130-ثُمَّ تَبَسَّمَ وَ قَالْ
131-بِلَفْظٍ أَحْلَى مِنْ عَسَلْ
132-بُشْرَاكُمُ بِآلْإسْتِقْلاَلْ
133-وَ حُرِّيَّةِ آلْوَطَنِ
134-أَنْتُمْ شُمُوسُ شَعْبِنَا
135-أَنْتُمْ لَبُوسُ حَرْبِنَا
136-كَمْ أَهْلَكْتُمْ مِنْ عِدْيَانِي
137-يَا لَيْتَهُ جَارٌ لَكُمْ
138-وَ لَوْ فِي ضَيْقِ مَسْكَنِ
139-وَ نَاظِمِ هَذِي آلْأَنْشَادْ
140-إِسْمُهُ يُدَّعَى آمْحَمَّدْ(*)
141-سَاكِنُ قَصْرِ تِمْكْشَادْ
142-غَرِيبْ ضَعِيفْ وَ مِسْكِينِ
143-بـِوَادِ دَرْعَةَ آلصَّحْرَا
144-بِهَا سَكَنْ وَ آسْتَقَرَّا
145-يَسْأَلْ مَوْلاَهُ آلْمَغْفِرَة
146-هُوَ وَ كُلَّ مُؤْمِنِ
________________________________________________________________
(*) هو سيدي امحمد بن عبد الله بوعبيدي،
شاعر كبير، أصله دوار أولاد جامع، ببني هلال، انتقل إلى بلدان متعددة لتعلم العلم،
و تعليمه، و منها سوس، حيث درس رفقة مجموعة من العلماء السوسيين، و منهم المختار
السوسي –حسب شهادة أبناءه- توفي و خلف أشعارا كثيرة، و قد عثرنا على هذه القصيدة
عند السيد محمد مومن بن أحمد.
147-إِبْنُ عَبْدِ آللَّهِ آمْحَمَّدْ
148-بْنُ أَحْمَدْ بْنُ مَيْمُونْ
149-نَسَبُهُ إِدْرِيسِيُّ
150-مِنْ بَنِي دَاوُدْ آلدَّادْسِيُّ
151-آلْوَلِيُّ آلْمَشْهُورُ
152-هَذَا بَيَانُ آلْعُنْوَانِ
153-نَظَمْتُهَا يَوْمَ آلْأَحَدْ
154-آلثَّامِنْ مِنْ شَهْـِر جُمَادْ
155-آلثَّانِيَّةِ فِي آلْعَدَدْ
156-عَامْ خَمْسَةٍ وَ سَبْعِينِ
157-مَعَ ثَلاَثِمِائَةٍ
158-وَ أَلْفٍ مِنَ آلْهِجْرَةِ
159-آلْمَرْجُو مِنْ سَادَاتِي
160-أَنْ يَقْبَلُونَهَا مِنِّي
161-ثُمَّ آلصَّلاَةُ وَ آلسَّلاَمْ
162-عَلَى آلنَّبِي بَدْرِ آلتَّمَامْ
163-وَ آلِهِ آلصَّحْبِ آلْكِرَامْ
164-تَطْرَا بِطُولِ آلزَّمَانِ
تعتمد
قصائد الزجل الهلالية و المغربية عموما، على التاريخ محفزا، و دافعا للنظم. و تخضع هذه القصائد إلى انفعال اللحظة و
انسيابيتها، و يشمل هذا النظم استحضار الخلفية المؤطرة للشاعر الناظم، و هي هنا
الدين الاسلامي، تظهر في الافتتاح باسم
الله، و الصلاة على رسول الله، ليدخل فيما بعد إلى الموضوع مباشرة.
استعمل الشاعر لذلك أسلوب استثارة و تحديد، فأما الاستثارة فهي قوله
"اسمعو" و يعني هذا أنه
يخاطب جمعا و هم في سمَر، و أما التحديد، فهو تحديد طبيعة هذا المخاطَب و هم
"الاخوان" ليكون السطر الشعري المراد الدخول به إلى الموضوع بادئا ب "اسمعوا أيها الاخوان". خطاب موجَّه
إلى المستمع مع إثارة آهتمامه حتى يصيغ السمع و الانتباه. يلي هذا السطر، سطر ثان
فيه تحديد للزمان و نوع ما سيُحْكَى
"لما جرى في ذ الزمان". و ملفوظ القول هنا يعني أن المحكي هو واقعة
جسيمة (جرى) مرتبطة بزمن قريب، لوجود اسم إشارة (ذا) و الذي يفيد المشار إليه
القريب، بعد ذلك ينطلق الشاعر ليحدد عناصر هذه الواقعة و الأحداث التي اشتملت
عليها.
خضع
إيراد عناصر الواقعة إلى منطق تراتبي، أي أن الشاعر جعل العنصر الأول و هو المعتدي (فرنسا) منعوتا بشتى الأوصاف و
الشتائم في المقدمة، و الغرض إثارة النقمة عليه لدى المستمع، و ليعمل في الأخير
على طمسه بما سيأتي في مخيلة و ذهن المستمع. لقد صبَّ الشاعر كل غضبه على هذا
المعتدي و أعوانه بحشد وابل من النعوت و الأوصاف، تشي بالازدراء و الاحتقار، كان
ذلك أثناء الحديث عن كيفية تعامل المعتدي، و أعوانه مع الشعب المغربي، و ما صرفوا
عليه من أصناف الذل، و العذاب، و لم يكتف المستعمر بذلك بل تجرأ و نفى الملك
الشرعي مغيرا إياه بآخر بدعوى عنصر "الشرف"، و إذا كان العنصر الثاني من
عناصر الواقعة، هو ما تعرض له الشعب المغربي باعتباره "المعتدى عليه"
فإن العنصر الثالث و الذي نعتبره بؤرة هذه الواقعة هو محاولة استبدال ملك هذا
الشعب بآخر غيره و هو "ابن عرفة" ثم وصف الأول بأوصاف و نعوت تُنبي
بالرفض و عدم القَبول، إثر ذلك ستثور ثائرة الشعب في اسم "ابن عبد
الله"الذي حاول تنحية الملك البديل‘ إلا أن محاولته باءت بالفشل، و بعدها
مباشرة لقي حتفه.
إن
نبرة الأمل لدى الشاعر، جعلته يردف موت "ابن عرفة" برجوع الملك الشرعي
من المنفى رفقة أسرته، و في تعبير عن حب الأسرة الملكية يتضرع الشاعر إلى الله بأن
يجازيهم أحسن الجزاء.
يختم
الشاعر إذن قصيدته بالتعريف بنفسه، و أصله و نسبه، و سكناه، و كذا تاريخ نظم هذه
القصيدة. و كما افتتحها بالصلاة على رسول الله يعود ليختمها بنفس الشيء.
1-صَلُّو عَلَى نْبِينَا زِيدُو يَا حَاضْرِينْ
2-لَيَّا تْصَنْتُو نْحْكِي لِيكُمْ فْآلزّْمَانْ
مَا سَارْ
3-سْمْعُو مَا جْرَى فَيَّامْ آلْخَامِسْ فَاتْ
آيَّامُو
4-آللَّهْ يْرْحْمُو عِينُو نَابْ آمِينْ يَا
آلْحْضَّارْ
5-قِصَّةْ الاَمِيرْ وْ عْدُوهْ آلرُّومْ
نَفَاوْهْ صَاكَْ لبْسَامُو
6-سْبَابْهَا رْفِيكَُو كَانْ يْشَارْكْ مْعَاهْ
لْخْبَارْ
7-مْنِينْ شَافْ عَيْنْ آلْحَيَّةْ عَطْفْتْ
أُجَاتْ كَْدَّامُو
8-حَسْدُوا وْعَادْ يْتْقَوَّلْ فِيهْ بْشِي
سْبُوبْ غَدَّارْ
9-يْكَُولْ لْلنْصَارَى عَنْدْكُمْ تْتْلاَفْتُو لْتْهْكَامُو
10-عَرْبِي غْشِيمْ مَا عَنْدُو فْآلتَّدْبِيرْ
بَاشْ يْسْطَارْ
11-أَنَا آللِّي نْكَْدْ نْصِينْ آلْمَغْرِبْ
شَادْ حْكَامُو
12-عَنْدِي آلزَّادْ بَاشْ نْكَُومْ وْ آللِّي جْحِيدْ
يْصْغَارْ
13-زَايْغْ بْمَالْ آلدْنْيَا هَذَاكْ خَايْبْ
كْلاَمُو
14-إِلَى مَا عَرَّاتُو يْعْرِيهَا مَا يْدُومْ
كَدَّارْ
15-يْرَاوْدُوهْ عَنْ نَفْسُو جَابُو لِيهْ
آلْجْمْعْ بْتْمَامُو
16-كَلْمَة سَاهْلَة نَسْحُوهَا عَنَّكْ بْصَحّْ
لْخْبَارْ
17-آلْهُمَامْ فَاقْ بِيهُمْ وَاجْبْهُمْ كَالْ
بَاشْ تْعْلاَمُو
18-شَعْبِي لاَ تْعْدُّونِي نْرْخِي فِيهْ يَا
آلْكْفَّارْ
19-رْخَى آلْحَسَنْ آلْفَذّْ كَاسْ آلسّْمَا
جْوَانْحُو حَامُو
20-هُوَ وْلاَ وْلاَدُو فِي آلْحَضْرَة مِيهْ
بْلاَدْ آلْقْفَارْ
21-آلْمْلُوكْ ضَايْرَة بِيهْ وْ آلْأَنْبِيَاءْ
تْشَرَّفْ مْقَامُو
22-يْلَقْنُو آللَّهْ مْنْ آلْهُدَى بِيهْ لِيلْ
نْهَارْ
23-الاَمِيرْ يُومْ رَادَ آللَّهْ يْحْدْ آلضَّوْ
لْضْلاَمُو
24-وَلاَّتْ صُورْتُو تْمْشِي فَآلسّْمَا مَعَ
آلْقْفَارْ
25-مْتْشَاهْدَة عْلِيهَا مْدَّة مْتْشَوْقِينْ
فْغْرَامُو
26-عَادُو يْنَاضْرُو فْبْهَاهَا يْفْجِيوْ بِيهْ
لَكَْدَارْ
27-آلاَسْلاَمْ فَارْحَة جَاتْ تَلَبِّيكْ كُلْ
جَيْشْ بْعْلاَمُو
28-حَيَّاوْ وْلْدْ يُوسْفْ هُوَ آللِّي عَاهْدُو
بْلَجْهَارْ
29-جَدَّدْنَا آلْعِيدْ آلْمَاضِي سْنِينْ عَامْ
عَنْ عَامُو
30-تْرَاوْ غِيدْنَا عْيَالْ آلْخَامِسْ عَمْرْ
آلدَّارْ
31-آللِّي بْغَاهْ رَبِّي يُوَرِّيهْ آلشُّورْ
يُوعَدْ خْيَامُو
32-هَادِيكْ مَا مْشَى حَالْ عْلِيهَا كَانْ بْغَا
آلْجَبَّارْ
33-نْوَصِّيكْ يَا آلرَّاكْبْ مْسَرَّجْ لَزْرَقْ
شْدْ بْلْجَامُو
34-اطْلْبْ آللِّي بْغَا يْعْطِيكْ آلْمَعْلُومْ
فُوكَْ لَكْبَارْ
35-قَدَّرْ آلْكُونْ قْبَلْ يْصَوَّرْ آلْمَكَانْ
كَاتْبْ زْمَامُو
36-عَارْفْ آلظَّاهْرَة وْ آلْمْخْفِيَّة
فْجْيُوجْ آلاَبْحَارْ
37-رَزَّاقْ كُلْ حَيَّة مَا يَمْسَى دَابَّة مْنْ
نْعَامُو
38-دِيمَا خْزَايْنٌو مَمْلِيَّة يَنْفْقْ غَيْرْ
حَزَّارْ
39-سُبْحَانْ مَنْ آعْطَى آلْحِكْمَة لْلْخَامِسْ
وَكََّفْ عْلاَمُو
40-مْنِينْ بْغَا نْتَاعُو مَا صْبْنَا نْمْنْعُو
لَقْدَارْ
41-رَبِّي يْخَيْرُو فِي دَارْ آلْجَنَّةْ
يْوَسَّعْ مْقَامُو
42-خَلاَّ خْلاَيْفُو وْ آلْحْمْدُ لِلَّهْ حْتَّى
شِي مَا غَارْ
القصيدة وطنية الموضوع، تؤرخ
لمرحلة صعبة من تاريخ المغرب، عاشها المغاربة بظروفها الحالكة، و مشاقها الكثيرة،
فهي تتحدث عن "وحشية" المستعمر الفرنسي "المتغطرس" الذي قادته
عنجهيته إلى نفي محمد الخامس، رفقة أسرته ظانا (المستعمر) أنه سيجعل المغاربة
يستسلمون للأمر الواقع، و بالتالي يكفون عن مقاومته، لكن العكس هو الذي حصل، و هذا
ما نستشفه من مضمون القصيدة، التي تمثل نموذجا من موقف المغاربة عموما، و من نفي
ملكهم، و الذي هو بطبيعة الحال الرفض الكلي، للتخلي عن "رمز الأمة"، و
عدم القَبول بأي شخص آخر، كملك للبلاد ممن كانوا وراء تدبير مكيدة النفي، هذا
القرار، جاء نتيجة للتلاحم المتبادل بين الملك، و الشعب، إلى درجة أن صورة الملك
لم تفارق مخيلة المغاربة قديما حتى و هو منفي خارج الوطن فقد ظل حاضرا في نفوسهم، و
هذا ما تدل عليه قصة (اسطورة) ظهور صورة الملك على وجه القمر ليلا، فظل المغاربة
مواظبين على التطلع إلى صورة ملكهم كبارا، و صغارا، نساء و رجالا، في الحواضر و في
البوادي... و هذا يدل على تمسك المغاربة بملكهم الشرعي، في المقابل، فإن المستعمر
أيقن بعدم جدوى هذا النفي.
لقد قسم الشاعر (*) قصيدته إلى ثلاث وحدات
أساسية، ففي الوحدة الأولى، يبتدىء بالصلاة على النبي، و يتمثل ذلك في السَّطر
الأول من القصيدة، لينتقل إلى الحديث عن تدبير مكيدة النفي، و المخططين لها، أما
الوحدة الثانية، و التي تشكل الموضوع الأساسي، أو الغرض الرئيسي للقصيدة، فيتحدث
فيها عن الترابط المتين بين العرش، و الشعب، و قصة ظهور الملك على وجه القمر، و عودته إلى
شعبه، تم تجديد البيعة و الوفاء له، ثم
يديل القصيدة بأبيات حكمية، يصور فيها قدرة الخالق عز و جل و نصره للحق، و جزاء كل إنسان بحسب عمله. علـى مستـوى
البنـاء الخارجي للقصيدة، فإن الشاعر خرج عن نظام الشطرين، الذي ألفناه في القصائد
التقليدية، إضافة إلى القافية المزدوجة، التي يكون حرف رويها ميما، أو راء، و إذا
عدنا إلى موضوع القصيدة الذي يتميز بنبرته الحماسية، فإن حرفا الروي، يسايران
ايقاع القصيدة، و حالة الشاعر النفسية.
_______________________________________________________________
(*) هو الشاعر الزجال صالح بن دحان، ولد
بدوار السميرة بقبيلة بني هلال، و قد توفي هذا الشاعر، إلا أن شعره الزجلي، لازال
متداولا إلى حد الآن، و قد عثرنا على هذه القصيدة عند السيدة الحاجة فاطنة عمر،
التي عاصرته، و حفظت عنه. و يذكر أنه جهبالي الأصل.
فالحرفين معا يشتركان في صفة الجهر التي
نستنتج منها رغبة الشاعر في الجهر بموقفه من قضية المنفى أمام الملأ، هذا من جهة،
و كون حرف الراء مكررا، فإن له دلالة قاطعة على تمسك الشاعر بموقفه الرافض لأي
محاولة للمس برموز البلاد، و
ثوابتها، ملكا، و شعبا، و وطنا من جهة أخرى، و قد اتخذ إلى ذلك سبيلا موسيقيا،
يتجلى في توظيف حرف الميم، كروي من خصائصه أنه حرف غني، يجعل القصيدة لا تسقط في
التقريرية، و المباشرية، و الإنشائية.
خــامســا: نمـوذج الشعـر الحكمــي
1-يَكَْضَ آلْيُومْ
وْ غْدَّا بْالرْخَى وْ آلشِّدَّة هَـــــــذَاكْ
حَـــــــــالْ آلاَيَّــــــــــامْ
2- مَــا دُّومْ آلدُّنْيَا نْوَصِّيكْ لاَتْمَنِّيــــكْ زَهْـوَهَـا مَــا هُـو دَايْمْ لِيكْ يَا
آلْغُرِّي
3-كَانْتْ كَلْتْ آسْكَامْتْ لِيكْ مِنْ بَيْنْ
يْدِّيكْ بِيعْ هَاذِي وْ شْرِي فِي
دِيكْ يَا آلشَّارِي
4-وْ آلصْلاَةْ بْآلْفْرُوضْ
عْلِيكْ وَاشْ يْلْهِيـــكْ رَانْهَــا
دَغْيَا تْغْـــدَرْ بِيكْ خُـــوذْ خَبْــرِي
5-وْ بَاشْ كَْلْتْ
تْكَذَّبْنِي رْدّْهَا عْلِيَّا
6-سْكْنْتُ آلْفَانْيَة نَعْنِي
بْحَالْ آلْخْيَامْ شُو نْجُو
بْآلرَّحْلَة عْرْبَانْهَا عْشِيَّــة
7-وْ بَعْدُوا بِآلرَّحْلَةْ
خَلاَّوْ غِيْرْ لَرْسَــامْ مَــــــا
تْــــــــدُومْ آلــــــدُّنْيَـــــــــا
8-مَا تْدُومْ آلدُّنْيَا
هَيْهَاتْ بَاهْرَة فَــاتْ وِينْ
قِيَّادْ مَعَ بَاشَاتْ وَ آلسلاَطِينْ
9-وِينْ شَدَّادْ بْنَى
بْنْيَاتْ دَارْ رَوْضَــاتْ وِينْ
طَهَ شَافْعْ آلاَمَّاتْ خَاتْمْ آلدِّينْ
10-نْمَثَّلْ آلدّْنْيَا
بِآلْقَلْبَاتْ ضِيفْ جَابَاتْ وْ
آلصّْبَاحْ رَاحْ لِلْبْلاَدَاتْ رَافْدْ آلْعْوِينْ
11-كِيفْ آلسُّوقْ نْمَثَّلْهَا
يَا بْنِي آلدُّنْيَا
12-مْنْ يَسْرَقْ فِيهَا
بْآلضْوَارْحْ مَا بَــاتْ وْ مْنْ
كَْعَدْ فِيهَا يَا وِيلُو الَى عْشِيَّا
13-وْ خَرَّفْ عْلِيهْ آلسُّوقْ
وْ مَاتْلاَ حَالْ مَــــــا تْــــــــدُومْ
آلــــــدُّنْيَـــــــــا
14-مَــا تْدُومْ آلدُّنْيَا
تَغْدَرْ وْ مَعْدَنْ آلْغُرّْ مْنِينْ
فِيهَا كُنْتْ انَّا ضْرْ بْحَالْ مْزْيَانْ
15-بَاهْرَا مْنْ صَيْدْ
مْعَنْكَرْ هْنَا مْعَمَّـــرْ عْلِيهْ
وَلَّى تْسَاوَى آلْقْبَرْ وْ مَا تْلاَ بَانْ
16-وِينْ قَوْمْ تْوَاسِي مَحْصَرْ
عْلِيهْ
آتْكْسَرْ حِيلْتُو
تَحْصَرْ وْ فْكَارِيشْ مَعَ آلْمَشْوَرْ بْكَُلْ فْرْكَانْ
17-وْ بَاهْرَة مْنْ غَدْرْتْ
بِهُمْ آلْخَارْجِيَّة
18-إِلَى عْطَاتْ آلسَّاعَة حْتَّى
يْشْدْ
آلْعْلاَمْ يْنْفْقَــرْ مَـا تَبْقَى
فِي ذْمْتُو وْقِيَّـــة
19-غَارَّة سَادَاتْ وْغَرْتْ
بْسِيدْنَــــا آدَامْ مَــــــا تْــــــــدُومْ
آلــــــدُّنْيَـــــــــا
الشــرح:
يكَض :
ينتهي و يكتمل.
باهرة
: كثرة.
العوين : المأونة و الزاد.
فكَاريش: شجعان و فرسان.
فركَان : الفرق و الجماعات.
وقية
: معين أو راعي.
القصيدة
التي بين أيدينا، قصيدة حكمية، للشاعر الزجال الشيخ المداني (*) من أولاد حمادي،
بدوار السميرة، يوضح فيها ما استفاده من تجاربه في الحياة، فيصور لنا الدنيا في
حقيقتها، هذه الحقيقة التي يختصرها في الفناء، و الزوال، و النسبية، رغم ما تبدوا
عليه في كثير من الأحيان، من زهو، و
جمال، فيعطي أمثلة لأناس كانوا يعيشون فيها بترف، و أبهة، فيصيغ ذلك بسؤال انكاري،
يقصد منه التأكيد، و إعطاء الدليل، على نسبية العيش في هذه الدنيا، و أن الفناء
قدر محتوم لا ريب فيه، و ذلك في قوله "وين قياد مع بشات و السلاطين"
فالشاعر هنا لا يسأل عن أماكن تواجد هؤلاء القياد، و الباشات، و السلاطين، و إنما يتوخى تقديم العبر، و الحكم،
للسامع و الملتقي، حتى يكتشف حقيقة الدنيا الزائلة، بل أكثر من ذلك إذ لم يسلم
منها حتى خاتم النبيئين، و المرسلين في قوله: "وين طه شافع الامات خاتم
الدين" كما يشبه الدنيا بالسوق، فالسوق، و الدنيا يشتركان
معا في الحيوية، و النشاط، في البداية، لكن سرعان ما يزول ذلك النشاط العابر،
لتبقى الحياة مجرد امتحان، ينجح فيه المجدون، و يسقط فيه الساقطون، و في هذا دعوة
صريحة إلى التزام الطاعة، و العبادة، و اجتناب الملاهي، و ذلك في قوله: "و
الصلاة بالفروض، عليك واش، يلهيك".
و قد أصاب
الشاعر في اعتماده روي، و قافية، متنوعتين في كل مقطع (الشاري، عشية، مزيان) و
التي خدمت بشكل جيد الموضوع الأساسي من القصيدة.
_______________________________________________________________
(*) هو الشاعر الزجال الشيخ المدني، من دوار
السميرة بقبيلة بني هلال، و يذكر أنه من أولاد حمادي، و قد توفي هذا الشاعر، إلا
أن قصائده بقيت محفوظة عند مجموعة من المهتمين بهذا الشعر الزجلي، و منهم السلامي
لحسن، الذي أمدنا بهذه القصيدة، و يسكن بمركز فم زكَيد الذي يبعد عن البلد الأصلي
للشاعر، بخمسة عشر كيلومترا.
ســادســا: نمـوذج الشعـر الاجتمـاعــي
1-نَبْدَا بِآسْمِ آلرَّحْمَانْ
2-آنْثَنِّي فِي آلْكَلاَمْ
3-آسْمْعُوا لِي يَا سَادَاتْ
4-فِي قَرُوبْ آلسَّحُورْ
5-مَا عْلْمُو مَا فَاقُو
6-تْبْعُو غَرْضْ آلْخَطَرْ
7-لَمَّا تْفْرْشْ آلْفْرَاشْ
8-زَبَّدْ آلْبَحْرْ بِآلْمُوجْ
9-تْكَلَّمْ آلزِّلْزَالْ
10-أ ُفَاضْتْ آلْبْحُورْ
11-بْنَاوْ بْنِي آلْخُلُودْ
12-أ ُنْزْلْ عْلِيهُمْ آلْبْلاَ
13-كَمْ مِنْ وَاحْدْ مْسْكِينْ
14-كَمْ مِنْ وَاحْدْ ضْعِيفْ
15-غَابُو وْجُوهْ مْلاَحْ
16-كَمْ مَاتُو مِنْ رِجَالْ
17-شْيُوخْ مْعَ شَبَابْ
18-قِيَّادْ مَعَ بَاشَاتْ
19-مَسَاجِدْ بِآلصَّوْمَعَاتْ
20-قْشَالِي مْبْنِيَّاتْ
21-ضَاعُو مْوَالْ آلتُّجَّارْ
22-سْبَابْ آلْبْلاَ آلْكْفَّارْ
23-وْ بَعْضْ آلْمُسْلِمِينْ
24-نَخْتَصْرُو فِي كْلاَمُو
25-آللَّهْ يْرْزْقْ آلصْبَرْ
26-سُبْحَانْ آللَّهْ عْلَى
27-قَالُو آللَّهُ أَعْلَمْ
28-وْ تْغَيَّرْ آلْوَطَنْ
29-حَضْرُوا كُلْهُمْ فِي آلْحِينْ
30-ظَهْرُوا تَمَّ آلْجْوَادْ
31-مَقْصْدْهُمْ آلْأُجُورْ
32-آلْبَابّْرْ وْ آلرِّبْكَانْ
33-وْ جْمِيعْ آلْأُمَمْ
34-جَاوْ آلطّْلْبَةْ فِي آلْحِينْ
35-جَمَالْ عَبْدْ آلنَّاصْرْ
36-آلْأُمَمْ آلْمُتَّحِدَة
37-آلسُّلْطَانْ تْهَوَّلْ
38-وْ دْمُوعُو سَايْلِينْ
39-قَلْبُو رَؤُوفْ حْنِينْ
40-فِي كُلّْ سَاعَةْ يَخْطَبْ
41-رْجْعُو يَا مُسْلِمِينْ
42-وْ آتَّحْدُوا وْ تْلَمُّوا
43-تَبّْعُوا قَوْلْ آلرَّحْمَانْ
44-وْ آمَرْ آلسُّلْطَانْ
45-يَا رْبِّي يَا رَحْمَانْ
46-سْأَلْتَكْ يَا رْبِّي
47-ضْعِيفْ مُذْنِبْ وَلْهَانْ
48-نَطْلْبْ جَمِيعْ آلْإِخْوَانْ
49-آلتَّارِيخْ يَا فَاطْنِينْ
50-وَ أَلْفٍ مِنَ آلْعَدَدْ
51-وْ نَاظِمِ آلْأَوْزَانْ
52-اسْمُهُ آمْحَمَّدْ
53-وْ نْخْتْمْ بِآلصَّلاَةْ
|
مُكَوِّنْ آلْأَكْوَانْ
صَلاَةْ وْ سَلاَمْ
أَحْكِي لَكُمْ قْصَّاتْ
حَدْثَتْ أُمُورْ
حَتَّى كُلْشِي غْرْقُو
أ ُكْثْْرْ شُرْبْ آلْخْمَرْ
فِي سَاعَةِ آلْاَثْنَاعْشْ
وْصَهْدْ آلْعْجَاجْ يْرُوجْ
حَتَّى رَعْضْتْ آلْجْبَالْ
هُدِّمَتْ آلْقُصُورْ
نْصَارَى وَ يَهُودْ
أُتْهَلْكُوا لاَ حَوْلَى
تَحْتْ آلثَّرَى يْنِينْ
آلزّْحَّافْ وْ آلْكْفِيفْ
مِثْلْ آلْوَرْدْ آلْفَتَّاحْ
وْ نِسَاءْ وَ أَطْفَالْ
عْمُومْ مَعَ طْلاَّبْ
عْدُولْ مَعَ قُضَاةْ
مُؤَذِّنِينَ بِآلاَوْقَاتْ
بْآلْعَسْكَرْ مَمْلِيَّاتْ
آلْمَلاَيِينْ وْ آلْمِلْيَارْ
عَلّْمُوهُم شُرْبْ آلْخْمَارْ
ضَيّْعُو أَمْرَ آلدِّينْ
آللِّي مَاتْ رَبِّي يْرْحْمُو
لاَبُدْ مْنْ آلْقْبَرْ
مَا يْفْنَى مَا يْبْلَى
شَهِيدْ مَنْ مَاتْ بِآلْهْدَمْ
وْ بْكَى سِيدْنَا آلسُّلْطَانْ
وُزَرَاءْ مَجْمُوعِينْ
رْجَالْ مْنْ كُلْ بْلاَدْ
لاَ كِبْرْ لاَ فْخْرْ
كُلْ وَاحْدْ جَا زَرْبَانْ
عَرَبْ وْ عَجَمْ
يْدَاوُوا آلْمَعْطُوبِينْ
يْرْسْلْ فِي آلْبَابّْرْ
عِلاَجْ وْ فَائِدَة
مَا يْشْرْبْ مَا يَاكُلْ
مِثْلْ آلبُو آلْحْنِينْ
مِثْلْ جَدُّو آلْأَمِينْ
وْ يْؤَكَّدْ عْلَى آلشَّعْبْ
وْ قَوّْمُوا أَمْرْ آلدِّينْ
كُلّْهَا يَلْزَمْ هَمُّو
وَ عَلّْمُوا آلْقُرْآنْ
آشْتَغْلُو بِآلْبُنْيَانْ
آللُّطْفُ وَ آلْأَمَانْ
تْسْتَجْبْ لِي طَلْبِي
غَرِيبْ فِي آلْبُلْدَانْ
آللِّي سْمْعُو آلْأَوْزَانْ
فِي رَمَضَانْ يَوْمَيْنْ
بِحَسَبْ أَبَجَدْ
سُكْنَاهُ بِآلْبُنْيَانْ
مْسْلْمْ مَا يَجْحَدْ
عْلَى سَيِّدْ آلسَّادَاتْ
|
نَسْأَلُهُ آلْأَمَانْ
عَلَى خَيْرِ آلْأَنَامْ
فِي أَكَادِيرْ وْقْعَاتْ
بْنَادْمْ غَافْلْ مَغْرُورْ
كُلْ شَخْصْ عْطَى حَقُّو
آلْفُحْشْ مْعَ آلْمُنْكَرْ
تَمَّ هَبْطُو آلْحْشَايْشْ
تَمَّ هَبْطُو آلْبْرُوجْ
أُكْثْرْتْ آلْأَهْوَالْ
جْلاَمْدْ وْ صْخُورْ
بْآلْكَهْرَبَا وْ آلْعُودْ
أُعَمْهُمْ بِآلْجُمْلَة
سْمْعُوهْ آلْغَيَّاتِينْ
عَمْتْهُمْ يَا لَطِيفْ
إِلَى خْرْجْ فِي آلصَّبَاحْ
خَلاَّوْ آلنَّاسْ هْبَالْ
كُلْهُمْ تَحْتْ آلتُّرَابْ
كُتَّابْ فِي آلْمَحْكَمَاتْ
طْلاَّبْ بْقِرَاءَاتْ
وْ آلْعُدَّةْ وْ آلْقُوَّاتْ
كُلْ وَاحْدْ كَيْحْفَرْ
آلْفُحْشْ مَعَ آلْمُنْكَرْ
وْ كْثْرُوا آلْخَائِنِينْ
تْقَاضَى أ ُفَاتُّ آيَّامُو
لِكُلْ آنْثَى وْ ذْكَرْ
مَا آخْفَاتُو شِي حَالَة
فِي آلْجَنَّة يْتْنَعَّمْ
وْ مُولاَيْ آلْحَسَنْ
كْلْشِي نَضْرُو بْآلْعِينْ
كُلّْهَا عَلَى قَدْرُو زَادْ
رَبِّي فَضْلُو مَشْهُورْ
آلرُّوسْ وْ مِيرِكَانْ
كُلْ وَاحْدْ مِنْهُمْ قَامْ
وْ آللِّي تْوَفَّى مْسْكِينْ
مَعُونَة بْآلْقْنَاطْرْ
دْفْعُوا حَتَّى آلْعُدَّة
يْدُورْ يْجْرِي وْ يْطَلْ
يْرَاقْبْ آلْمَعْطُوبِينْ
خَاتْمْ آلْمُرْسَلِينْ
تُوبُو مْنْ كُلِّ ذَنْبْ
صِيَامْ وْ صَلاَةْ بْآثْنِينْ
هَذَاكْ بَاشْ تْسْلْمُوا
لْجْمِيعْ آلصِّبْيَانْ
حَتَّى يَرْجَعْ كِي كَانْ
بِنَا فِي هَاذْ آلزّْمَانْ
وْ تْغْفْرْ لِيَّ ذَنْبِي
نْطْلْبْ رَبِّي آلْمَنَّانْ
يَدْعُو لِي بِآلْغُُفْرَانْ
فِي عَامْ تْسْعُودْ وَ سَبْعِينْ
هَذَاكْ بَاشْ مْقَيَّدْ
فِي قَرْيَة آلزُّرْكَانْ
ضْعِيفْ حْتَّى لِلْحَدّْ
شَفِيعْ آلْأُمَّةِ
|
فِي كُلِّ بَلِيَّةِ
شَفِيْعْ آلْأُمَّةِ
زِلْزَالٌ شَدِيدَةِ
تَايْهْ فِي غَفْلَةِ
هَبْطُو لِلْبَهْمُوتِ
أُكُلْ مَعْصِيَّةِ
وَ آلْأَرْضُ دُكَّتِ
أَسْرَعْ مِنْ لَمْحَةِ
بِكُلِّ مَغَبَّةِ
اصْبَحْ آلْفُوقْ تَحْتِي
وْ كُلِّ صَنْعَةِ
أَقْبَحُ هَلْكَةِ
دَرْكُوهْ فِي آلسَّاعَةِ
هَاذِ آلْبَلِيَّةِ
وَ آلْعَشِيَّةِ
مِنْ كُلْ قَبِيلَةِ
طَبْقَةْ عَلَى طَبْقَةِ
كُلْهُمْ فِي حَيْرَةِ
بِكُلِّ لُغَةِ
وْ آلسَّرْبِيسْ مْوَاتِي
بْآلاَتْ وْ عَتْلَةِ
وْكُلْ مَعْصِيَّةِ
بِغَيْـِر حِشْمَةِ
لاَبُدْ مِنَ آلْمَوْتِ
وْكُلِّ خِلْقَةِ
رَبْ آلْبَرِيَّةِ
بِكُلِّ نِعْمَةِ
بْدْمُوعْ كَثِيرَةِ
مَا أَعْظَمْهَا قُدْرَةِ
دْفْعُو آلْمَعُونَةِ
يْخْلْفْ بِآلْعَشْرَةِ
حَضْرُوا فِي آلسَّاعَةِ
خْدْمُوا بِنِيَّةِ
دْفْنُوهْ فِي حُفْرَةِ
طَعَامْ وَ كِسْوَةِ
لِلْمُسْتَشْفَيَاتِ
فِي كُلِّ حُومَةِ
فِي كُلِّ دَقِيقَةِ
شَفِيعْ آلْأُمَّةِ
لاَزْمْ لِلطَّاعَةِ
وْ آدُّوا آلزَّكَاةِ
مِنْ كُلِّ بَلِيَّةِ
فِي كُلِّ قَرْيَةِ
أَفْضَلُ صَنْعَةِ
فِي كُلِّ شِدَّةِ
وَ آجْبَرْ شَفِيَّتِي
يَرُدَّ غُرْبَتِي
فِي كُلِّ سَاعَةِ
وْ ثَلاَثُمِائَةِ
تَارِيخْ آلْهِجْرَةِ
بِوَادِي دَرْعَةِ
فِي كُلِّ حَالَةِ
وْ خَيْــِر آلْبَرِيَّةِ
|
الشــرح:
البهموت: المقصود به القبر
في هذه القصيدة التي صنفناها ضمن القصائد الاجتماعية،
يبدأ الشاعر (*) بالبسملة و الصلاة على الرسول صلى الله عليه و سلم، و هنا إشارة
ضمنية إلى أن الشاعر الهلالي بصفة عامة، يستهل قصائده بالبسملة، و الصلاة على
الرسول، و يلتزم بها كما يستهل "الشاعر الجاهلي" في أغلب الأحيان بالغزل،
و ذكر المحبوبة قصائده.
و
كما أن القصائد التي تصادفنا في مسيرتنا الدراسية، لا تخلو من مواضيع تشكل في
كليتها محور نظم هذه القصائد، و غايته، فإن هذه القصيدة هي الأخرى، لم تحد عن هذه
القاعدة لتتخذ لها موضوعا اختاره هذا الشاعر ليدلي فيه بدلوه، و هذا الاختيار هنا
انصب على واقعة كبيرة و حدث قوي، هز منطقة أكَادير، و خلف وراءه هلعا كبيرا، و
خوفا شديدا لم يسلم منه عامة سكان هذه المدينة الساحرة بالمغرب. فلم يفته و هو يصف
لنا هذا الحادث المريب، أن يستعرض لنا الحالة المزرية التي عاشتها المدينة، و
الخراب الكبير الذي تعرضت له، و الأموال التي ضاعت لأصحابها، و كيف أن العالم تأثر
إلى جانب المغاربة و تسارعوا لتقديم العون و المساعدة لهم، و يخص بالذكر هنا مصر
في شخص رئيسها آنذاك جمال عبد الناصر، كما يوضح الشاعر درجة تأثر ملك المغرب الذي
دعا -حسب قول الشاعر- في خطاباته
بالمناسبة إلى تجنب السقوط في الذنوب، و المحرمات، و التزام الطاعة، و هنـا إشـارة
ضمنيـة من الشاعر إلى أن سبب الكارثة هو الخروج عن الدين، و اتبـاع المحرمات و شرب
الخمور، و عدم إخراج الزكاة للفقراء، و المساكين، و يوضح بأنه لا مفر من
الرجوع إلى الطريق المستقيم، بآعتباره الطريق أو السبيل الوحيد لتجنب مثل هذه الكوارث
الخطيرة و المرعبة، و في الأخير يعطي الشاعر لمحة قصيرة عن حياته المتواضعة إلى حد
كبير، و عن نسبه الشريف، فلا يسعنا إلا أن ندعو كجميع الذين قرؤوا هذا العمل لسيدي
امحمد بن عبد الله بالمغفرة و الرضوان من الله عز و جل، إنه سميع مجيب.
________________________________________________________________
(*) هو الشاعر و العالم الكبير مولاي امحمد بن عبد
الله بوعبيدي، فقيه كبير، انتقل إلى بلدان متعددة لتلقي العلم، و منها سوس، حيث
التقى علماء هذه المنطقة و اهمهم المختار السوسي، و درس معه –حسب قول أبناءه- و قد
توفي، و خلف وراءه الكثير من القصائد الزجلية، إلا أن أبناءه من المهتمين بهذا
المجال قد انتقلوا إلى أماكن مختلفة من المدن، و حملوا معهم جل ما خلف أبوهم، و من
ذلك قرآن كريم بخط يده، و لم نعثر له إلا على قصيدتين، و منهما هذه التي أمدنا بها
حفيده السيد جمال بوعبيدي.
الفصـل الثـانـي:
+ أولا: الشعر الشعبي الاحتفالي بمنطقة
أولاد هلال
+ ثانيا: أنــواعـــه
أ) الطحين / الطحاني
ب) الركبة / الركبية
ج)
الوسطي
د) الصف
ه) الهرمة
و) الترواح
+ ثــالثـــا:
- المصطلحات المستقاة من الشعر الزجلي الهلالي.
- خــاتمـــة.
أولا: الشعر الشعبي الاحتفالي
بمنطقة أولاد هلال
إن الشعر الشعبي الاحتفالي بمنطقة بني هلال،
يطغى عليه طابع التحول و التغير كلما تغير الزمان و المكان اللذان أُنتج فيهما،
فينتقل من شخص لآخر، ليتبين و يتضح بوصفه نصًّا فنيا، متكاملا، و منفتحا، و قابلا
لأن يخضع في كل لحظة من لحظات استهلاكه إلى إعادة انتاجه، و إضفاء حلة جديدة عليه
تتناسب و الذوق الشخصي لكل فرد من أفراد القبيلة، إلا أن الذي يبقى ثابتا في هذه
النصوص الشعرية و لا يتغير هو الإيقاع، على اعتبار أنه الحجر الأساس لبناء القول
الشعري، و المحافظ على هيأته و معماريته، إلى درجة أن أي انكسار فيه يكون باستطاعة
المهتمين بهذه الفنون الشعرية تبيُّنها بحكم الدربة و الممارسة، فيستطيعون بوساطة
هذه الأخيرة ضبط الفروقات الايقاعية بين كل الأنواع الشعرية الاحتفالية، و ذلك كله
يتم بمقياس مجرد يصطلح عليه ب: "لاَ لاَ"، هذه الأخيرة التي ربما تلتقي
مع "تنعيم" الخليل بن أحمد الفراهيدي (واضع علم العروض) في "لا
لا".
و في محاولتنا هذه، عملنا على التعريف
بالأنواع الاحتفالية، خصوصا منها التي لاتزال تمارَس حاليا، و تدييلها بنصوص شعرية
خاصة بكل نوع على حدة و منها: الطحاني، الركبية، الوسطي، الصف، الهرمة، الترواح.
في حين أن قبائل درعة يمارسون
إضافة إلى هذه الأنواع: أقلال، و السقل، و سليسلة، أما أحيدوس و أحواش، فخاص
بقبائل آيت عطا، أما النوع الذي يسمى "تالي الليل" فإنه لازال يُمارس
إلى حد الآن بدوار بوكَير.
ثــانيــا: أنــواعـــه
أ)
الطحين / الطحاني:
تشبه "كلْمة" "الطحين"
من حيث الشكل، و وحدة الوزن و القافية، كثيرا إلى حد التماهي "كلْمة"
"الركبة" و باقي "الكْلاَمْ" الذي يتغنى في الفنون الشعبة
الأخرى، و يمكن القول أن "الكْلام" أو الشعر الزجلي الاحتفالي لقبيلة
بني هلال، له قابلية لأن يُغني في جميع الأشكال التراثية، و يبقى الاختلاف فقط في
طريقة، و نوع الرقصة، و الطقوس، و المراسيم المصاحبة لها، حيث إن كل رقصة تنفرد
بطريقة خاصة في الأداء، رغم التشابه الذي قد نسجله أحيانا، و تتكون
"كلْمة" "الطحين" من بضع أبيات لا تتجاوز الثلاثة، بالإضافة
إلى البيت الأخير، أو ما يطلق عليه "الكَطعية"*(1)، أو
"الرّدمة" بقاموس درعة.
أما من حيث الفضاء و الزمان، فإن رقصة
"الطحين" على غرار جميع الفنون الشعبية الأخرى تؤدَّى ليلا، و في مكان
فسيح*(2)، يشارك في أداءها الرجال و النساء بالزي التقليدي، و هذه من بين نقط
التقاطع في جميع الفنون، لكن ما يميز رقصة "الطحين" أن المغنين فيها،
يكونوا جالسين سواء منهم الرجال أو النساء، بحيث تُكَون هذه الأخيرة، جماعات صغيرة
حول "الرحي"*(3) التي يستخدمونها لعملية الطحن التي استُمدت منها تسمية
الرقصة.
إن النساء اللواتي يقمن بعملية
"الطحين" يرددن في الوقت نفسه بعد الرجال أبيات "الكلْمة"
واحدا تلو الآخر، و أثناء الترديد، يتدخل شخص من المهتمين بهذا الفن، ذَكراً أو أنثى بترديد ما يسمى "التٌّوكِيدَة"
ليكسِّر بها إيقاع الإنشاد البطيء، و ليأتي دور النساء بإطلاق الزغاريد واحدة تلو
الأخرى، و في نهاية الإنشاد يقوم الرجال بترديد الشطر الأول من
"الكَطيعة" في حين تردد النساء الشطر الثاني منها، دون ايقاف عملية
"الطحـن"
____________________________________________________________
*(1) الكَطعية: هي السَّطر
الأخير و الرابع من الشعر الزجلي الاحتفالي سواء في "الركبة" أو "الطحاني".
*(2) نذكر هنا أن قبيلة أولاد
جامع كانت تتخذ من "سْطْوَانْ" "أولاد عبد المومن مقرًّا رئيسيا
لتجسيد هذا الفن.
*(3) "الرحي" جمع
"رحى" و هي آلة تقليدية كانت و لازالت عند البعض تستعمل لطحن الحبوب أو
الحناء أو غيرهما.
كما يقوم الرجال أيضا بالضرب
بالأيدي (الرَّش) و يرتفع الايقاع شيئا فشيئا كلما تم الاقتراب من الكَطيعة، و ذلك
بالتناوب بين النساء و الرجال، دون أداء أي رقصة، و هذه أيضا من مميزات
"الطحين" فيستمر الحفل إلى الهزيع الأخير من الليل.
فعادة ما يبتدىء الحفل بهذه المقطوعة
"الطحينية" التي تبتديء بالصلاة على رسول الله، و هي من بين الاستهلالات
التي تلازم الشاعر الهلالي عند بداية كل حفل:
1- آلصّْْلاَةْ عْلَى
بَدْرْ آلدَّاجْ صَاحْبْ آلتَّاجْ اِمَامْ آلْمُرْسَلِينْ سَيّْدْنَا مُحَمَّادِي
2- وْ كَْدْ هَرَاجْ وْ
كَْدّْ آمَّاجْ وْ كَْدْ كَسْبْ مْرَبِّي فِي الاَخْفَاجْ وْ كَْدّْ مَا فْ
آلْكٌَرْبْ وَ آلاَبْعَادِي
3- وْ كَْدْ مَا رَكْبٌو
مْنْ حْجَّاجْ رَاغْبِينْ يْزُورُو آلاَمِيرْ بٌورْقِيَّة سَيّْدْ آلاَسْيَادِي
4- لاَ تْخَيَّبْ لِيَّا
مَلْكَاهْ يَا آلْبَدْر آلضَّاوِي بَيْنْ آلنّجُومْ سَيّْدْنَا مُحْمَّادِي
و عند التغزل بالمحبوبة و ذكر بعض أماكن الجمال
فيها و تمني اللقاء بها يقول الشاعر الهلالي:
1- طَالْعَة صْمْعَة فُوكَْ رْكَُوبْ وَ آلرّْكَُوبْ
صْفَى مْنْ جْغْمَةْ حْلِيبْ وَ لاَّ ثَلْجَة بْسْحَابُو
2- كَدّْنِي يَا بُو خَدّْ يْشِيرْ كَانْ كَبْضَكَ
حَرَّازْ رْكَْلْ عْلِيكْ بْآلْقْفُولْ وْ رَسَّى بَابُو
3- وَ دَايْرْ سْوَارِيتُو فْ لِّيدْ كَامْلْ
آلدَّهْرْ مَعَ طُولْ آلسّْنِينْ مَنْ جَاهْ يْعْطِيهْ وْجَابُو
4- كَادْرْ آللَّهْ يْلْكَِي مَازَالْ يَا ظْرِيفْ
آلسَّبْلَة يَا آلْغْزَالْ بْغِينَا نَاسُو يْكَْرَابُو
و يقول بعد فراق المحبوب و البلد لمدة
طويلة:
1- يَا آلْغَادِي لْ اُولاَدْ هْلاَلْ فْرَاقْهُمْ
يَا خُويَا جَانِي صْعِيبْ هَمّْ حْبِيبِي رَشَّانِي
2- يَاكْ رَبِّي عَالْمْ بْ لْغَيْبْ شَاهْدْ
آللَّهْ عْلِيَّا يَا آلنَّاسْ رَا قَلْبِي مَا هَنَّانِي
3- مَا بْقَى تْفَكَّرْنِي آلْحْبِيبْ مَا
عْرَفْتْ شْكُونْ سْبَابِي مْعَاهْ بَعْدَا هُوَ عَدَانِي
4- هَا سْلاَمْ رْقِيَّهْ فْ آلْغِيدْ(*)
أُلْغْزَالَة فَاطْنَة مَكْتُوبْ لِيكْ دِيمَا نْهْدِي شْكْرَانِي
و يقول و هو يطلب السقيا من الله حتى يتمكن
من رؤية محبوبته وسط الربيع:
1- يَا آلْمَوْلَى نَزَّلْ لَمْطَارْ بَاشْ
تْخْرُجْ مِيلاَفِي(*) لِلرّْبِيعْ نْنْظُرْ فِي زِينْ بْهَاهَا
2- أُنْزَاهْتْ آلْعَرْبِي فْمّْ آلدَّارْ وَ
آلرّْبِيعْ يْشَالِي(*) وْ آلسَّاكَْيَهْ تْدَرِّي يَا مَحْلاَ مَاهَا
3- وَ نْزَاهْتْ آلطَّالْبْ فْ آلْقُرْآنْ غَيْرْ
يْمْحِي وْ يْزَمَّمْ فْ آلْكْتَابْ شِي فَتْيَهْ مَا يَمْسَاهَا
4- لاَلَّهْ فَاطِمَهْ آلْغْزَالْ بْنْتْ سِيدِي
مُحَمَّدْ يَا آلنَّاسْ كَمْرَهْ طَلْعْتْ فْ سْمَاهَا
و يقول و هو يهجو أحد النمامين في البلد:
1- بْغِيتْ نْحْكِي لِيكْ يَا آلسَّامْعْ لَيَّا
شْلاَّ(*) مَنْ غْرَايْبْ عَادُو فْ آلنَّاسْ
2- الِاسْلاَمْ تْوَضَّرْ(*) مَا بْقَاتْ مْرُوَّة(*)
لاَ مْنْ يْسَالْ لاَ مَنْ هُوَ لاَبَاسْ
3- فِي جَامْعْ يْبْلِيسْ قَارْيِينْ
بْآلْجَّمْلَهْ وْ آلزِّينْ كَاعْ فِيهُمْ يَهْضَرْ فْآلنَّاسْ
4- نَجِّنِي يَا خَالْقِي وْ تُوبْ عْلِيَّا أَنَا
وْ وَالْدِيَّهْ وَ آهلِي وْ آلسَّامْعِينْ نْزُورُو سَيّْدْ آلنَّاسْ
___________________________________________________
(*) يقصد بالغيد في الثقافة الهلالية النساء
الحسناوات.
(*) ميلافي: و تعني التي تعودت عليها أو على
حضورها بجنبي.
(*) يشالي : نقول ان الربيع
"يْشَالِي" بمعنى أنه يتمايل يُمنة و يُسرة.
(*) شْلاَّ : بمعنى كثرة و وفرة.
(*) تْوَضَّرْ: تاه و ضاع.
(*) مْرُوَّة : مروءة أو رجولة.
و يقول في طلب السقيا من الله بعد سنين
عجاف:
1- يَا آلْمَوْلَى حْنّْ بْآلاَمْطَارْ حَرْمْتَكْ
يَا رَبّْ آلْقَهَّارْ لاَ تْخَيَّبْ لِي فِيكْ رْجَايَا
2- وْ كُلّْ مَا مَنْ يَابْسْ يْخْضَارْ بِيهْ
يَرْوُو آلْاَجْبَالْ وْ آلاَبْطَاحْ كُلْ ضَايَا تْعْطِيهْ لْضَايَا
3- وْ لاَ يْرَفَّدْ لِيلَهْ وْ نْهَارْ
بْآلْعْفُو يْنْزْلْ وْ آلرَّحْمَهْ انْشَاءْ آللَّهْ وْ يْعُودْ عْلَى آلْغَايَهْ
4- وْ فَاطْنَهْ عْنْكَْ جْدِي لَمْهَارْ
نْجَاوْرُوا حَدِّيَّهْ وْ رْقِيَّهْ وْ فَاطِمَهْ بُوكَْطَّايَهْ (السوالف).
و يتغزل بآمرأة و يشبهها بالوردة المتفتحة
في الحقل:
1- سَلْبْتْنِي طْفْلَهْ وْ آللاَّيْمْ حَالِي وْ
آلْحُبّْ وْ آلْغْرَامْ يْرَشِّي مُولاَهْ
2- مَثَّلْتْهَا وَرْدَهْ مْتْفَتّْحَهْ
فْدْوَالِي آلْعْقَلْ يَا آهْلِي مْنْهَا جَابْ بْلاَهْ
3- أَسِيدِي زِينْهَا مَا تْلِيتْ نْشُوفُو
سْبْحَانْ يَا آهْلِي مَنْ خْلْقُواْ وْ نْشَاهْ
4- آ فْطِيمَهْ لِلَّهْ عَالْجِي مَا بِيَّا
آلْغْرَامْ عَادْلِي وَلْفِيَّهْ يْهْدِيكْ يَا خْتِي دِيِرِي شَرْعْ آللَّهْ
و يقول في الدعوة للابتعاد عن الحب باعتباره
مصدر الشرور –كما يقول- و نحن نقول بأن الحب هو الحياة شريطة التزام الطرفين
بالمسؤولية و الوفاء و الحكمة. يقول:
يَا آلسَّايْلْ عَنِّي نُوصِيكْ لاَ تْقَرَّبْ
لْلْحُبّْ وْ خِيرْ لِيكْ لاَ تْغْوِيكْ آلْغْرَّارَهْ
سَالْ آلْمْجَرَّبْ يْوَرِّيكْ كَْدْ مْنْ وَاحْدْ
فَيَّدْ فِيهْ بْكْوَابِيسُو غَدَّارَهْ
وْ سِيرْ بَعْدَا آللَّهْ يْهْدِيكْ لُحْهَا
عَنْدْ آلْمَوْلَى خَالْقِي يْنَجِّيكْ مِنْ كُلّْ شْرَارَهْ
وْ فَرْحْكُمْ رَاهُوا مَبْرُوكْ يَا فْطِيمَة
بْنْتْ آلْحَسَنْ فَرْضْ لاَزْمْ نْهْدِي لَشْكَارَهْ
و يقول عند عودته إلى بلاده بعد غياب طويل، حيث
التغير الكبير الذي طرأ عليها من خلو السواقي من المياه، و حلول الرمال محلها، و
موت النخيل و الأشجار. ثم يطلب السقيا من الله في الأخير حتى تعود المياه إلى
مجاريها و تخضر الحقول:
1- شْحَالْ لَيَّا هَذَا مَا جِيتْ وَ آلزّْمَانْ دْهَانَا
يَا سَامْعِينْ وْ بْلاَدِي مَا نَمْسَاهَا
2- مْنِينْ لْحَكَْتْ آلشَّبْشُوبْ(*) عْيِيتْ
كَُلْتْ بَعْدَا نْشْرْبْ فْ آلسَّاكَْيَةْ لْكَِيتْ رْمَالِي مَعْلاَهَا
3- مْشِيتْ صَاعْدْ رَانِي نْكْوِيتْ (*) حْتَّى
لْحَكَْتْ "آلْعُكَْلَة"(*) تَمَّ بْكِيتْ مَهْجُورَة لاَ مَنْ جَاهَا
4- أُفْ الرّْْوَاغِي رَانِي
شْكِّيتْ صَارْ لِي كِيفْ إِلَى نَحْلْمْ وَاشْ هِيَّا وَلاَّ دْزْنَاهَا
5- غِيثْنَا يَا رَبّْ آلْمُغِيثْ بْ آلاَمْطَارْ
تْوَلِّي خَضْرَة مْزَخْرْفَةْ وْ سْوَاكَِي مَحْلاَهَا.
و عند
رحيل الأحباب عنه رفع أمره لله و هو يقول:
1- يَا رْبِّي لِيكْ شْكِيتْ يَا آلْمَوْلَى
تَرْفَقْ بْ وْسَادِي
2- لَحْبَابْ رَحْلُو عَنِّي كُلْهَا ضَارْبْ
مَكَْسَمْ غَادِي
3- آلْقَاضِي لَاشْ مْشِيتْ كَالِّي فَرْضْ
تْوَدِّي هَاذِي
4- اُيَا فْطِيمَة مْسَامْحِينْ فِي دِيكْ
آلدَّارْ اُ هَاذي
و
يقول في فتاتين جميلتين آلتقى بهما و كذلك في فتيات أولاد هلال:
1- لْكَِيتْ يَا خُويَا جُوجْ بْنَاتْ لَبْسَاتْ
آلدُّومَاسِي وْ آلْحْرِيرْ مَنْهُمْ رَوَّحْتْ بْلاَيَا
2- رْمَاكَْهُمْ فِي جُوفِي
رَسَّاوْ بِيهْ نْكْوِيتْ آنَا وْ نْكْوَاوْ خْرِينْ كَبْلِي وْ بْكَاوْ وْرَايَا
3- رَا آلْعْشِيكَْ مْحِيطَمْ مَسْكِينْ
دَايْرِينْ آلضَّارَة يَبْكُو عْلِيهْ بِيهْ ظْرِيفْ آلْكَطَّايَا
4- كَامْلاَ يَا آلْهْلاَلِيَّاتْ مَدّْكُمْ مُولاَنَا
بْآلزِّينْ فَايْزَاتْ نْهَارْ آلْغَنَّايَا
___________________________________________________________
(*) الشبشوب : هو مصب للمياه بأولاد هلال، قرب آمزرو، و منه كانت تمر
الساقية لري واحات النخيل بالمنطقة، قبل أن تصبح في خبر كان حتى الآن.
(*) نكويـت : تعني بالدارجة الضجر و القلق الشديد، و هي كثيرة الاستعمال في
الشعر الهلالي.
(*) "العكَلـة" : منطقة كانت تضم واحات النخيل و الحقول عندما
كانت السواقي حية، و كانت تُغْنِي سكان المنطقة شر صعود الضلعة (جبل) قصد البحث عن
الماء.
و
يقول و هو يرى الفتيات يخرجن للعرس و هن يرتدين أجمل الألبسة و أبهاها:
1- يَا آلنَّظَّامْ آشْكُرْ آلْبْنَاتْ وْ رَدّْ
آلْكَُولْ عْلِيهُمْ كَامْلاَتْ وْ آعْطِي لِلَّعْبْ نْهَارُو
2- زَايْدَاتْ آلْعَاشْكَْ كَيَّاتْ مْنِينْ
خَرْجُو هُما مْتْنَاظْرَاتْ فِيهُمْ عِينِيَّا حَارُو
3- وَ آلسّْوَالْفْ وَ آلْخَلاَّلاَتْ وَ
آللّْبَاسَاتْ عْلَى آللَّبَّة هْوَاتْ وَ آلنَّجْلَة يَا شَكَّارُو
4- فَرْحْكُمْ رَا هُوَا مَبْرُوكْ يَعْمْلُو
هَاذْ آلْفَرْحْ آلدَّايْرِينْ مَبْرُوكْ يْعُودْ نْهَارُو
ب) "الركبة" أو
"الركبية":
هي فن من الفنون الاحتفالية الشعبية الأكثر
تداولا بمنطقة أولاد هلال، حيث تؤدى في المناسبات الرسمية كالأعياد الوطنية، و
المناسبات الخاصة كالأعراس، و الأفراح العائلية، و تستمد رقصة "الركبة"
جذورها من الثقافة العربية القديمة و العريقة، و يتم في هذا الفن إنشاد مقطوعات
زجلية تسمى "الكلمة"، و قد تطول و تقصر حسب رغبة المنشدين، و غالبا لا
يتجاوز عدد أبيات المقطوعة ثلاثة، و بيت رابع يسمى "الكَطعية" و تتميز "كلمة" الركبة بوحدة الوزن
و القافية، و تعدد المواضيع، منها: المدح، و الرثاء، و الهجاء، و النسيب، و مواضيع
دينية و اجتماعية، و وطنية... لا تؤدى رقصة الركبة عادة إلا ليلا، نظرا لمشاركة
النساء فيها، و يكون ذلك في مكان فسيح، خارج المنازل، إما متعارفٌ عليه من جميع
القبيلة، و مخصصا لهذا الغرض، و يسمى "الرحبة"، و قد يُتْرَك تحديد
المكان للجهة المقيمة للاحتفال، و لكي يكتمل رونق و جمال الرقصة، فإنها تتشكل من
نساء و رجال يرتدون ملابس تقليدية، و يشكلون صفين متقابلين، يُفترض أن يكونوا
واقفين، حيث يبدأ الاحتفال بترديد لفظة "لاَلَة" مرات عديدة تتخللها من
حين لآخر زغاريد النساء، ثم بعد ذلك يدخل الرجال في عملية الانشاد، حيث يتم إنشاد
أبيات "الكلمة" واحدا تلو الآخر عدة مرات بالتناوب بين النساء و الرجال،
و من حين لآخر، يقاطع أحد الحضور المنشدين بما يسمى "بالواكدي" أو
"التوكيدة" و هو كلام موزون ذو معانٍ دقيقة و رائعة، لا يستقيم إلا للمتمكنين من نساء و
رجال القبيلة، و الواكدي أيضا شعر يحمل مواضيع عديدة كالمدح و الغزل و التهنئة...
و عند الوصول إلى البيت الأخير (الكَطعية) يردد الرجال الشطر الأول، و النساء
يرددن الشطر الثاني بإيقاع سريع مع الرقص، فمرة يتقدم صف الرجال نحو النساء، و مرة
أخرى تقوم النساء بنفس الشيء، و خلال عملية الرقص يقوم المغنون بحركات(*) متناسقة
و منسجمة، يصعب على المبتديء المشاركة فيها و الانسجام مع المتمرسين بهذا الفن. ثم
تستعمل أيضا الأيـدي و الأرجـل، للضرب
___________________________________________________
(*) نشير إلى أن هذه الحركات
المتناسقة و المنسجمة تسمى في الثقافة الشعبية الهلالية: "آلْكَسْرَة" و
هي عبارة عن انحناءات لا يتقنها إلا المتمرس بهذا الفن.
و
التصفيق، و يستمر الرقص إلى أن يعلن أحد المغنين عن انتهاء الرقصة بتمديد
"الكلمة" الأخيرة، ليُشعر الحضور، و أيضا الراقصين بانتهاء الرقصة، و
يستمر انشاد هذه القصائد عادة حتى مطلع الفجر على ايقاع فني شعبي باهر.
فعادة ما يبتدىء الشاعر الهلالي أغانيه
الاحتفالية، و نخص بالذكر هذا النوع المسمى "بالركبية" بهذه القصيدة.
التي تتمحور حول الصلاة و السلام على الرسول صلى الله عليه و سلم و الشوق لزيارة
الحجر الكريم يقول:
1- يَا لْغَادِي وَاعْدْ
آلْمْقَامْ دِّي مْعَاكْ سْلاَمِي حْتَّى لْ وْلْدْ مِينَهْ سَيِّدْ آلاَسْيَادِي
2-
دَايْمَانْ قَلْبِي يْهْتَفْ بِيهْ بْغِيتْ نْمْشِي يَانَا وْ
آلسَّامْعِينْ نْزُورُو حَجْرَةْ آلَآسْعَادِي
3-
اُفِي جْبَلْ عَرَفَهْ نُوِّيتْ نْقِيمْ فِيهْ آلصَّلاَهْ طُولْ آلنّْهَارْ
وْ نْحَاوْلْ فِي آلْآوْرَادِي
4-
نَسَبّْقُو فْ كْلاَمِي يْزْيَانْ وْ آلصّْلاَةْ وْ آلسَّلاَمْ عْلَى
شْفِيعْنَا آلاَمْجَدْ مُحَمَّادِي
و يقول عندما زار رسم الحبيب و منزله فوجده
خاليا و انهمرت عيناه بالدموع و كأننا
بآمرىء القيس يبكي الديار و المحبوب إذ يقول:
قفا نبك من ذكرى حبيب و منزل بسقط اللّوى بين الدَّخول فحومل
يقول
الشاعر الهلالي:
1- نْكْوِيتْ كَمّْ مْنْ
كَيَّهْ رَبِّي تْكُونْ لِيَّا وَحْدَهْ فْ آلجُّوفْ مَا عْلْمْ بِهَا وَالِي
2-
وْ لاَشْ تْبْكِي يَا عِينِي دَمْعْتِي سْخِيَّهْ(*) وَاشْ دَّانِي نْحُوزْ
لِلرَّسْمْ آلْخَالِي
3-
وْ بِيتْ نَطْلَعْ بَيْنْ آلْمَشْبُوحْ وَ آلثّْرِيَّا نَرْكَبْ(*) يَانَا
نْشُوفْ فْ آلْجَوّْ آلْعَالِي
___________________________________________________________
(*) سخية : سريعة الانهمار و الانسكاب.
(*) نركَب: أصعد.
4- وْ مَنْ ضْرَا وَاشْ
تْسَالِي يَا آلْغْزَالْ عْلِينَا كِيفْ نْسَالُو حْنَا عْلَى بُوفِيلاَلِي
أو: آنَا وْ آلْغْزَالْ رْقِيَّة شْكْرَانْهَا
عْلِيَّا يَا بْنْتْ آلنَّاسْ وَاشْ مَا شَفّْكْ حَالِي.
و
يقول حين قضى بعض الأعياد بعيدا عن الأهل و الأحباب:
1- كَاعْ آلنَّاسْ مْعَيّْدَا مْعَ وَالِيهَا
وَانَا صْبَحْتْ بَيْنْ دْيَارْ آلجِّيرَانْ
2- مَحْبُوبِي مْسْكِينْ كِيفْ عَايْدْ حَالُو
بِينِي مْعَاهْ كْدَا وْشْعَابْ أُوِيدَانْ
3- رَانِي يَارْبِّي مَا عْشَقْتْ آلْجُّولَة
آلْغْرِيبْ فْ بْلاَدْ آلنَّاسْ بْلاَ شَانْ
4- هَذَا يَا وْدِّي سْلاَمْنَا
لْلزَّهْرَة هِيَّ وْ خِيتْهَا فَاطِمَة رَبِّي يْلْمّْنَا وْ نْكُونُو عْشْرَانْ
و
يقول عند توصله برسالة من محبوبه الذي يبعد عنه مسافات طويلة:
1- أَنَا آللِّي رَاسْمْ فْبْلاَدْ بْعِيدَة حْتَّى
يْ لِينْ جَانِي مَرْسُولْ جْدِيدْ
2- قَرَّانِي فِي حِينْ بْتّْ فْ تْنْكِيدَة وْ
آلنَّاسْ رَاكَْدَة(*) جَرْحِي تَمّْ يْزِيدْ
3- وَ سْبَابِي فْ آلْغِيدْ مَالْحْ آلتَّبْنِيدَة
بُوعَيْنْ حَادَّة بُوخَاتْمْ فْ لِّيدْ
4- هَاذْ آلْكَُولْ عْلِيكْ آلْغْزَالَةْ مِينَة
تْسْتَاهْلِيهْ يَا بُونِيلَة(*) يَا قَايْدْ آلنّْسَاضَيّْ هْلاَلْ آلْعِيدْ
و في التضحية من أجل أن تعيش محبوبته أفضل
حال مَحْمية في مكان آمن يحرسه الخدم يقول:
1- بِآسْمِ آللَّهْ نْشَنَّعْ آللِّي عْزِيزْ
عْلِيَّا نْبْنِي لِيه قَصْبَة وْ نْزِيدْ لْسَاسْ
2- نَبْنِيهَا بْآلْكَايْزَة وْ شُغْلْ آلنِّيَّةْ
وْ آلجّْلِّيجْ وْ آلرّْخَامْ وْ بِيبَانْ آلطَّاسْ
3- أُلْقْفُولْ حْدِيدْ وْ آلْخْدَمْ كَوْرِيَّا
وْ إِلَى حْتَاجْ آلزّْمَانْ نْزِيدْ آلْعَسَّاسْ
4- فَاطِمَة سْلْكْ آلذّْهَبْ يَا تْشْحَارُو وْ
آلزِّينْ فِيدْهَا ضَوَّاتْ عْلَى آلنَّاسْ
___________________________________________________________
(*) راكَدة: نائمة.
(*) بونيلة: سمة من سمات
الجمال في المرأة.
و في
طريقه لزيارة منزل المحبوب، وجده خاليا و تذكر الأيام التي قضاها معه، و حتى
إذا ما رأى أحدا من بعيد حَسِبَهُ هو، يقول:
1- يَا وْلِيدِي هَادُو
آلاَرْسَامْ فَكَّْدُونِي(*) بْآلزَّايْدْ خَاطْرِي هْوَالُو هَمّْ وْ تْخْمَامُو
2- وِينْ نَجْعْ يْجِي لِيهْ
كَْتَامْ تَوّْ يَرْحَلْ يَعْمَلْ هَرَاجْ بْآلسّْرَاتَة سَنْحَا كَْدَّامُو(*)
3- وْ مَا تْلاَبِين خْيَامُو بَانْ وْ لُولِيفْ
بْعِينِي نَرْعَاهْ كُلّْ سَاعَة نْسْحَابْ عْلاَمُو
4- فَاطْنَة مَادَامُو لَيَّامْ وْ آلزّْمَانْ
فْرَكَْنَا يْهْدِيهْ يَا شْعَاعْ آلدَّارْكَْ فْ غْيَامُو
و
يقول و هو يشبه محبوبته بالقمر و هو يضيء على جميع البلدان:
1- مَثَّلْتْكْ جَيِّدْ مْنْ جْوَادْ آلْحَيَّةْ
وْ آللِّي يْكَرّْ فِيهْ آلْخَيْرْ أُو الِاحْسَانْ
2- مَثَّلْتْكْ سْلْطَانْ جَايّْتُو آلْهْدِيَّة
مْنْ شْكَّْ سُوسْ وْ آلسَّاحْلْ وْ آلسُّودَانْ 3- مَثَّلْتْكْ كَمْرَة مْنِينْ
طَلْعْتْ هِيَّا بَيْنْ آلنّْجُومْ ضَوَّاتْ عْلَ آلْبُلْدَانْ
4- وْ هَاذْ آلْكُولْ آللِّي
عْلِيكْ يَا كَلْثُومَة تْسْتَاهْلِيهْ يَا بُونِيلَة يَا قَايْدْ آلنّْسَا
بُوسَالْفْ رَوْيَانْ
و
يقول و هو يشبه محبوبته بالكوكب في سموه و نوره:
1- إِ
يوَلاَّ دَعْدُوعْ(*) جَابْتُو سَرْوِيَّا بْكْرِي مَعَ آلْفْجَرْ تْلاَكَِيتْ
مْعَاهْ
2-
سْقْسِيتُو(*) بْمْهَلْ كَالِّي مَرْحَباً هُوَ وْ شَدّْ بِيدِي وْ مْشِيتْ
مْعَاهْ
3-
خَرْجُو آلْمْسَخّْرَاتْ خَرْجْتْ دََادَا يَا عَاشْقْ آلْبْهَا جًابُولِيكْ
آللَّهْ
4- آ
آلطَّفْلَة لِلَّهْ عَالْجِي مَا بِيَّا آلْغْرَامْ عَادْ لِي وَلْفِيَّة
يْهْدِيكْ يَا خْتِي دِيرِي شَرْعْ آللَّهْ.
_________________________________________________________
(*) فكَدوني : بمعنى ذكّروني.
(*) كَدامـو : المقصود أمامه.
(*) دعـدوع: يعني في الثقافة الشعبية الهلالية كوكب معين.
(*) سقسيتـو: سألته.
ج) الــوسطــي:
هو
نوع من الأنواع الغنائية الاحتفالية بالمنطقة، إلا أنه لم يلق الاهتمام من المغنين
حاليا، و لذلك قلَّت ممارسته إن لم نقل نَدَرَتْ بالقياس إلى الأنواع الشعرية
الاحتفالية الأخرى، و الوسطي "كالطحاني" و "الركبية" يتكون من
أبيات و "كَطعية"، هذه الأخيرة التي تسمى في الثقافة الشعبية الدّرعية
"الرّدمة"، أما عن الشكل الذي يتم به تجسيد هذا النوع، فيتكون من صفَّان
متقابلان، أحدهما للرجال و الآخر للنساء، و ربما لهذا السبب لقي نفورا جماعيا
بقبيلة بني هلال، نظرا للفكر شبه المحافظ بهذه المنطقة، و ينقسم الوسطي بدوره إلى
نوعين: المسرَّح" و "المثلث" و تضيف قبيلة درعة إلى هذين النوعين
نوع ثالث يسمى "مريشيكَ".
يعتمد
الوسطي من حيث الأداء على التصفيق بالأيدي، أو ما يسمى "بآلرَّشْ" مع
إرفاق ذلك بتمايل الأجسام يمينا و يسارا أو ما يسمى "بالكسرة" و هذا لا
يتأتى إلا لمن له دراية و اهتمام كبيرين.
يقول
و هو يقطع الفيافي و القفار بحثا عن محبوبته التي تسكن بعيدا عنه:
1- نَتْمَنَّى مَدُّوبْ
تَارْكَِي وْلْدْ خْلِيَّا
2- بِيهْ نْشُكَْ آلْبِيدْ
وْ آلْفْيَافِي آلْمَعْرِيَّا
3- تَابْعْ دِيكْ آللِّي
غْرَامْهَا بَيَّدْ بِيَّا
4- آمْشِيتْ سْبَعْ آيَّامْ
دَارْهَا فِي ضَحْوِيَّا
5- آ رْقِيَّة يَلْكَُو
مْعَاكْ يَا خُرْسْ آلْمِيَّا
و يقول و هو يلومه على اختياره السكن بعيدا عنه:
1- مَالَكْ يَا وَلْدْ
آلْحْمَامْ سَاكْنْ خَلْوِيَّة
2- فُوكَْ
آسْطُوحْ آلدُّورْ وْ آلْبْرُوجْ آلْمَبْنِيَّة
3-
وْ يْبَرْكَمْ مَسْكِينْ عَادْ فِينْ آلْعَجْمِيَّة
4-
كْحَلْ آلْعِينْ آمْبَارْكَة آسْبَابْ آللِّي بـِيَّة
و
يقول عندما رأى فتاتان حسناوان تمشيان بثبات:
1-
نَلْكَ جُوجْ بْنَاتْ جَاحْ مْنْهُمْ دَلاَّلِي
2-
يَمْشُو مَشْيَةْ آتْبَاتْ جَارَّاتْ آلْفِيلاَلِي
3-
نَعْنِيهُمْ مُهْرَاتْ يَوْرْدُو مَكَْلَمْ خَالِي
4-
فَاطِمَة وْ آلزَّهْرَة هُما آللِّي سَلْبُو حَالِي
______________________________________________________
* نشير إلى أن هذه القصائد خاصة
"بالوسطي" إلا أن نسبتها إلى منطقة أولاد هلال مشكوك فيه.
د-
الصَّـــف:
الصف
كالوسطي كذلك ينقسم إلى نوعين: "الصف المثلث" و "الصف
المسرّح" و هو من الأنواع
الشعرية الاحتفالية التي لم تعد تمارس إلا نادرا بمنطقة بني هلال، و يشارك في أداء هذا النوع الغنائي كل من
الرجال و النساء، و يتميز بخفة فائقة في الحركات الجسمية الرائعة التي تصاحبه، حيث
ينحني المغنون و المغنيات، مجسدين "الكسرة" بمنتهى الدقة و البراعة و
الجمال، تجعل المشاركة في الأداء عسيرة، إلا على أهل العلم بهذا الفن، و الذين
تتوفر فيهم القدرة، و الرشاقة الجسمية الكاملتين، و إذا كانت النساء في الطحاني، و
الركبية ترددن ما يسمى بالشطر الثاني من البيت، أو القطعة الأخيرة منه، فإنهن في
هذا النوع (الصف) يقمن بترديد كل أبيات القصيدة بعد الرجال، إلا في الكَطعية فإنهن
يكتفين بترديد الشطر الثاني أو القطعة الأخيرة منها.
يقول
الشاعر الهلالي و هو يحل ضيفا على أحد الأفراح، و يطلب من الله أن لا يخيب طلبه
لزيارة البيت الحرام.
1- تْصَنّْتُو(*) لَيَّا
بِيتْ نْكَُولْ كَلْمَة زِينَة يَا حَاضْرِينْ وْ نْكَُولْهَا فْ آلْحَيَا
2- كَامْلَة جِينَابْ
آلتَّسْلِيمْ رَاهْ جِينَا لْ آلفَرْحْ نْوَنّْسُوكْ يَا بُو كَْطَّايَة
3- حَرْمْتَكْ يَا رَبِّ
نَرْجَاكْ لاَ تْخَيَّبْ طَلْبِي فْ آللِّي بْغِيتْ يَا رَبِّي فِيكْ رْجَايَا
4- وْ دَرْتْ فْ مْنَايَة
بَاشْ نْطُوفْ يَا وْلِيدِي مَنْ هُوَ جَارْ زِينْ بْغِيتُو نْدِّيهْ مْعَايَا
5- نْشَاء آللَّهْ
نَكَْبَضْ بِآلشّْبِّيكْ يَاكْ رَسُولْ آللَّهْ يَا حَاضْرِينْ بَاشْ تَذْكْرُوهْ
مْعَايَا
و في طريقه للبحث عن المحبوب قصد الفوز بلُقياه يقول:
1- فَيَّامْ يَابْنْ آمَّا جٍيتْ نْلَوَّدْ(*) لَرْسَامْ آلْكَْرَارَة
2-
دَكَُّو آبْطَاحْ وَادْ آلسَّدْرَة كَحْوَانْ وْ آشْكَارَة
3-
شُورْ آلْكَْصُورْ رَكَْبْتْ(*) كَايْدْ لَعْرَابْ لَمّْتْ آلدَّارَة
4-
يَا فَاطْنَة مْعَاكْ يْلاَكَُو لَيَّامْ يَا آلْمْسْرَارَة
________________________________________________________
(*) تصنتو: استمعوا و أنصتوا.
(*) نلـوّد: أبحث و أُنقِّب.
(*) ركَبت: صعدت.
و يقول فيمن فعل فيه الخير و بما يجب أن يُجازى
به:
1- آللِّي سَبَّكَْ آلْخَيْرْ
فِيَّا بَاشْ نْكَافِيهْ لِيهْ
2-
وَ آنْطِيعُو طِيعْ وَالْدِيَّ وْ آنْعُودْ آخْدِيمْ لِيهْ
3-
نَطْلْبْ رَبِّي آيْلَمّْنَا وْ نْعُودُو جِيرَانْ لِيهْ
4- آرْقِيَّة
زِينْةْ آلسّْمِيَّة دَلاَّلْكْ عَالْجِيهْ
1- صَلَّــى آللَّــهْ عْلِيـكْ
يَــا رَسُولْ آللَّــهْ يَا هَاذْ
آلنَّاسْ آلْحَاضْرَة صَلِّيوْ عْلِيهْ
2- وْ آللِّي مَا وْلْدْتْ
بْحَالْ مُولاَي مُحَمَّدْ لاَشْ
تْكَُولْ أَنَــا وْلْــــدْتْ آلرّْجَّالَــةْ
3- صَلَّى آللَّهْ عْلِيكْ يَا
رَسُولْ آللَّهْ وْ آلطّْلْبَةْ
يَا آلرَّافْدِيــنْ كْتَابْ آللَّـهْ
4- بِينْ آلْمْغْرْبْ وَ آلْعْشَا يْتْلاَغُو
بِيهْ
5- وَ آصْبَرْ يَا كَلْبِي وْ
تَاتِيكْ آلصَّبْرَة كِيفْ
صْبَرْ عُودْ أَدَّادْ أَيَّامْ آلصَّيْــــفْ
6- عُودْ يَابْسْ وْ وَرْكَْتُو
دِيمَا خَضْرَة مَا يْشْرْبْ
مْنْ سَاكَْيَا وَاتَاهْ آلْهِيفْ
7- دَاكْ آلدِّيرْ آللِّي
يْبَانْ كْحَلْ عَرْيَانْ وَ
آلطَّرْفَانِـي مَـا يْبَـانْ إلاَّ رَاسُـــو
8- دَرَّكَْ عَنِّي حيْ آللِّي
عْصَابْتْهَا نِيلَة وْ آلسَّالْفْ يَا خَيِّي دْرَاعِينْ قْيَاسُو
9- وْ يَا مُولاَنَا رْدّْ آلْغْرِيبْ إِلَى
نَاسُو
10- وْ مَالْكْ مَلْكْ يَا آلشْلْحَة
عَرْبِيَّةْ عْلِيكْ آنْحَرَّمْ يَا خِيتِي مَرْكُوبْ
آلْخَيْلْ
11- جْبْتِي مْنْ نَعْتْ آلنّْسَا
كَْرْنْ وْ كَْصَّةْ وْ جْبْتِي مْنْ وْلْدْ آلْغْزَالْ آلْعَنْكَْ
آلطّْوِيلْ
12- مْدِّي لِيدِيك نْتْسَامْحُو
يَا بْنْتْ آمِّي مَا نْعَرْفْ وِيـنْ
آ بْلاَدْ يْحُوزْ آلْحَــــالْ
13- مَـا نْسْحَابْ قْبَايْلِي
يََسْخُو بِيَّا وْ يْدِيرُوا فِي
مُوضْعِي مْنْ جَاهُمْ ضَيْفْ
14- مْدِّي لِيدِيك نْتْسَامْحُو
يَا بْنْتْ آمِّي مَا نَعْــرَفْ وِينْ
آبْلاَدْ يْحُوزْ آلْحَـــالْ
15- آلْغُرْبَةْ وْ آلْمُوتْ مَا لِيهَا مِيعَادْ
16- دِيــكْ آلْعَيْنْ آللِّي
حْفَـــرْتْ أَنَا وْ آيَّـــاكْ خَــايْفْ
يَا خَيِّي لاَ يَغْدَرْ مَــا هَـــا
17- حْسّْ دْرِيزْ آلْخَيْلْ وْ
آلرّْمَى فُوكَْ جْبَاهَا وْ فَاطْنَة
رَاكْبَة وْ فْكَارِيشْ وْ رَاهَا
18- مَــالَــكْ يَا غْـــرَابْ
يْحْـــزّْ بْـــلاَكْ يَــــــا مَصْبُوغْ
آلرِّيشْ شَوَّشْتْ خْلاَكَِي
19- وَ آنْـــــتَ بِيـكْ حْمَــامْتَــكْ
عَـــــــلاَّتْ وَانـَا بِيَّـــا
آلرَّاحْلَـــة مْـــنْ دْوَّارِي
20- تْلْكَِينَا بْآللِّي تْرَارِي يَا مْسْعُودْ
21- آلْبَــلْ يــَا حَرْشْتْ آلْوَبْــــــرَة وْ تْجَرْ دَارْهَا عْلَى رَاسْ
آلْكَْدِيمْ
22- سِيدِ عَالِي يَا آلرَّاكْبْهَا حَمْرَة مْعَنِّي بْطْرَافْهَا يَرْحَلْ وْ
يْكَِيــمْ
23- عَنْدِي عَــــوْدَةْ وَافْيَة
هْلاَلِيَّـة يُومْ آلْعِيطَة
جَاتْ تَهْطَلْ بْدْمَاهَا
24- رَاكْبْهَا فَكَْرَاشْ مَا ظْنِّيتْ
يْرُوحْ فِيدُو رَفْرَافَة وْ
بْآلدَّمْ سْكَاهَــــا
25- سَلْنَاكْ بِآللَّهْ يَا آلرَّاكْدْ كَُومْ
تْشُوفْ بْلاَدَاتْ آللَّهْ مَا
وْسَعْهَا بْفْجُـوجْ
26- فِيهَا غِيرْ آلْمْهَامْهْ
وَ آلْفَــلاَةْ وْ عْجَاجَــاتْ
آلْخَيْلْ وْ آلصَّاكَــــاتْ تْـــرُوجْ
27- هَاذْ آلخَيْمَةْ تْبْنَاتْ
بْآلزَّاوْيَـة عَمَّرْهَا يَا
رَبِّي بْفْكَارِيشْ يْعُودُو صَالْحِينْ
28- يَا رْبِّي وْ رْضَاتْ آلصَّالْحِينْ
هذه القصيدة إنشادية، تدخل في عادات و طقوس الزواج
لدى الإنسان البدوي الهلالي، و هي عبارة عن موَّال ينشد، في حلقة تتكون من أفراد
العريس و أفراد العروس، و يتوسط كل من الاثنين حلقته التي تقام له بمعْزل عن الآخرين،
و هذا النوع يسمى "التشركَي"، و تتكلف بمهمة الإنشاد إما أم العريس أو
أم العروس، أو أحد أقاربهما من الإناث، لأن هذا النوع من الغناء يختص بالإناث فقط،
و كل القصائد التي تغنى تكون مستوحاة من تراث القبيلة، و ما تراكم من محفوظ شعري
لدى المنشدة.
ه) الهــرمــة:
بخلاف
كل الأنواع الغنائية الشعبية، بقبيلة بني هلال، التي تشترك فيها النساء و الرجال مثل: الطحاني أو الطحين، و
الركبية و الوسطي بنوعيه: "المسرح" و "المثلث"، فإن الهرمة
كنوع من بين هذه الأنواع التي لازالت إلى حد الآن تفرض نفسها داخل المنظومة
الغنائية الشعبية بهذه المنطقة خاصة بالرجال، و تتم تحديدا حينما يستضيف صاحب
العرس أو الحفل عموما قبيلة من القبائل المجاورة، و عند وصول هذه الأخيرة إلى منزل
المضيف، تتجمع على شكل دائرة، و هذه ميزة من مميزات هذا النوع، ثم يدخل بعد ذلك
مباشرة اثنان من نفس القبيلة ممن لهم دراية بهذا الفن، ليبدآ بالغناء، و بنفس
الطريقة يردد الآخرون بعدهم، و هؤلاء في حالة تشابك بالأيدي، مع إرفاق ذلك بالضرب
على الأرض بالأرجل. ثم تخرج امرأة من بيت المضيف حاملة الزهور أو
"الريحة" لرش الضيوف، تعبيرا عن تِرحابها بهم.
أما بالنسبة للنساء فإنهن يكُن قريبات من هذه
الدائرة في شكل جماعة، لكنهن يكتفين فقط بالزغاريد كلما آستدعى الأمر ذلك، و عندما
يبدأ صاحب الحفل بالترحاب، فإنه ضمنيا يدعو الضيوف إلى دخول منزله، و مباشرة يتم
ذلك لنحصل في الأخير على رقصة رائعة تجمع بين جمالية الشكل، و أصالة المعنى و
قوته.
يقول
الشاعر الهلالي في الدعوة إلى الصلاة في الأوقات ما دام الموت لا ريب فيه:
1- رَبِّي عْفُوكْ بِيتَكَ(*)
جُودْ عْلِيَّا بْخِيرْ نَرْجَاكْ يَا رَفِيعْ آلسَّمَا
2- شِي حَدّْ مَا رْجِيتُو
غَيْرْ آللَّهْ آلْحْنِينْ هُوَ بْصَرْخْتُو يَرْعَانَا
3- نُوصِيكْ يَا بْنَادْمْ
تُوبْ وْ صَلِّي وْ صُومْ تَبْقَى خَاطْرَكْ مْزْيَانَا
4- نُوصـِيكْ وَابْدْ
آلْخَمْسَة(*) وْ صْلاَةْ لَوْقَاتْ مَنْ غَيْرْهَا إِلاَّ عَيَّانَا
5- لِيكُونْ رِيتْ كَمّْ
يْحَانِينَا(*) مَنْ سِوَالْ لاَ قُوتْ لاَ زْهَى لاَ كَانَى
6- آلْمُوتْ وَاجْبَة وْ
رْفُودْ آلْمِيسَانْ(*) زِينْ مْنْ مَاتْ لاَزْمُو كْتَّنَا
7- سِيدْنَا يَا رَبِّي يَا
هَزَّامْ آلْكَافِــِرينْ عَارِي عْلِيكْ لاَ تَمْسَانَا
______________________________________________________________________
(*)
بيتـك : بتفخيم الباء و تعني أريدك أو
أطلب منك.
(*)
الخمسة: المقصود الصلوات الخمس.
(*)
يْحانينـا: ينتظرنا.
(*)
الميسان: هو الآلة الخشبية التي يوضع فيها الميت.
و
يقول في التغزل بالمحبوبة و التساؤل عن عدم مجيئها:
1- بَتّْ لِيلْ آلْبَارْحْ فْ
قُولْ مَا وْفَى مَا جَابُو دَوَّاحْ
2- مَالْهَا يَا وْدِّي مَا
جَاتْ صَايْلَة مَكْحُولْتْ لَلْبَاحْ
3- طَالْكَا تِيتْ(*) عْلَى
آللَّبَّة تْمْشْطُو بْآلْعَطْرِيَّة فَاحْ
4- فَمّْهَا تَبْرُورِي(*) مَازَالْ مَا صْفَا
يُومْ آلْكَنْدَة طَاحْ
5- كَالُو آلْحْوَاجْبْ نُونِينْ مْعَرّْفِينْ
زَادُو لْ آلْكَلْبْ جْرَاحْ
6- عَنْكَْهَا وْلْدْ غْزَالْ مَازَالْ تَابْعْ
آمُّو وَلْدْ آلصَّيَّاحْ
7- آلْبَطْنْ شْقَّةْ مْطْوِيَّةْ مْفَصّْلَة مَا
رَامْتْ مْلاَحْ
8- يَا غْزَالِي يَا فَاطِمَة عَالْجِي يْبَّاكْ
إِلَى رَاحْ
و في طلبه لرضا الله و السعي وراء الحصول عليه
يقول:
1- لْطَفْ بِنَا نْتَا آلْوَحِيدْ آلْقَهَّارْ
نَسْعَى رِضَاكْ يَا آلْعَالِي
2- لْطَفْ بِنَا نْتَا آلْعَالِي حَرْمَتْ
آلْقَلَمْ وْ حَرْمَتْ آلكُرْسِي وْ آللُّوحْ
3- وْ آللِّيفْ وْ آللَّهْ مَا مْسَانِي وْ آلْبَا
بَابْ آلْكْرِيمْ بْآلرَّحْمَة مَفْتُوحْ
4- وْ آلتَّا ثَابْتْ عْلَى يْمَانِي وْ آلسَّا
يْسْتَرْ آلْعَيْبْ يُومْ كَْبِيضْ آلرُّوحْ
5- وْ آلسِّينْ آلسَّاسْ بِيهْ
هَاوِي وْ آلشِّينْ شْرَابِنَا فْ حُوضْ رَسُولْ آللَّهْ
6- مُولْ آلشَّانْ آلْعْظِيمْ قَــِوي وْ لاَ مَا
لِيفْ لاَ يْلاَهَ يْ لاَ آللَّهْ
7- فِيهْ وْفَايَا مْعَاكْ
مَّالِي وْ آلْهَمْزَة آلرّْجَافْ آلْحْنِينْ آلْغَفَّارْ لاَ يْتْكْلْنِي عْلَى
فْعَالِي 8- آلجِّيمْ جْفَلْتْ يَا مَّالِي مْنْ هَمّْ
آلْمُوتْ وْ آلْعُمْرْ تَوّْ إِنْ يْنْكَْضَا مَاسُوكَرْ(*) حَدّْ مَا يْوَالِي
9- حَقّْ عْلِينَا آلْمُوتْ كَْصَارْتْ
آلاَعْمَارْ نَسْعَى رِضَاكْ يَا آلْعَالِي
______________________________________________________________
(*) تيت: المقصود به شعر المرأة.
(*) تبروري: و تعني البَرَد المرافق لكثرة
الأمطار.
(*) الكَندة: المقصود الثلج.
(*) ما سوكَر: لم يستطع و لم يقدر.
و
يقول وهو يحفر بئرا و قد أصابه التعب من كثرة الحفر و عدم وجود المياه:
1- يَا مُولاَنَا عْفُو عْلِينَا لْحْنَا
آلاَمُورْ لِيكْ يَا عَاتْقْ آلاَنْفَاسْ
2- مَنْ آلْمْحَايْنْ حْنَا عْيِينَا وْ
آلْجُّولَة(*) كُلّْ يُومْ فْ بْلاَدَاتْ
آلنَّاسْ
3- كِي غَرْتْ عْطِيتْهُمْ عْطِينَا خِيرَكْ
مُوجُودْ لاَ مْحَرَّزْ لاَ عَسَّاسْ
4- يَا مُولْ آلْجُودْ يَا آللِّي فَضْلَكْ مَا
غَابْ لاَ تَحْرَكَْ يَابْسَة بْخَضْرَا
5- شُوفْ آلصِّبْيَانْ وَ آلْكْسِيبَة يَا
وَهَّابْ غَرّْتْنَا يَابْسَة آلصَّحْرَا
6- شْحَالْ مَنْ بِيرْ صَارْ غَبْرَة هْبَطْ
مُولاَهْ بْ آلْحْفِيرْ وْ كَلْ آلْعَذَابْ وْ لْكَاتُو فْ آلصّْفَا آلْحَجْرَا
و
يقول و هو يتوق إلى زيارة بيت الله الحرام:
1- يَا كَْرِيبْ آلصَّرْخَة سَكََّمْ آلشُّورْ وْ
سَاعْدْ لِي آلاَيَّامْ
2- بْغِيتْ مَكَّة يَا عَالَمْ بِآلصّْدُورْ
بَيْتْ آللَّهْ آلْحَرَامْ
3- يَا يْلاَهْ نْصَلِّي رْبْعِينْ دُورْ فْ
آلصَّفّْ مَعَ آلاٍمَامْ
4- قْبَلْ آلْفْجَرْ نْكَُومْ(*) مَعَ آلسّْحُورْ
فْ بَيْتْ آللَّهْ آلْحَرَامْ
5- بْغِيتْ نَمْشِي لْ آلْمَدِينَة نْزُورْ
فْرَسُولْ آللَّهْ آلْحْبِيبْ
6- حَرْمْتْ آللَّهْ يَا نْبِينَا قْبْلْ عْلِيَّا
عَيَّطْ لِي لاَ نْخِيبْ
7- نْزُورْ فْ لاَلاَّتِي مِينَة وْ لاَلاَّ
فَاطِمَة آلزَّهْرَا قْرِيبْ
8- هَاكَّا نَصْبَحْ فِي مِنًى بَاشْ نَرْجَمْ
فِيهْ آلشِّيطَانْ
9- وْ آلْعْشَا رَا هُو فِي مَكَّة بْغِيتْ
نَدْخُلْ وِينْ آلسُّكَّانْ
_____________________________________________________________
(*) الجولة: المقصود بها الغربة عن الأهل و
الأحباب.
(*) نكَـوم: أستيقظ.
و)
التــــرواح:
و هو
الغناء الذي يردده الرجال في يوم "الدُّخلة"(1) أو "الدخول"
كما يصطلح عليه غالبا، و ذلك عند اكتمال أيام "المشاط"(2) التي كانت
تستغرق في الأصل أربعة عشر يوما: سبعة أيام بالنسبة للعروس و سبعة أخرى بالنسبة
للعريس، لكن هذه المدة تقلصت إلى أن أصبحت "الدخلة" تقام عشية يوم العرس
نفسه، و الرواح ضد الغدو، نقول بلغتنا الدارجة راح الشخص بمعنى: عاد عشية إلى
المنزل، لذلك نجد التراوح دائما يكون ليلا و ليس نهارا. فهذا الغناء يردده الرجال ممن
يحفظونه، في حين يقوم الآخرون من الحضور بترديد نفس الغناء، مصحوبا بزغاريد النساء
من حين لآخر، هذا كله بعد أن يقوم بعض الرجال بإلباس العريس حلة العرس الرسمية، و
مناولته للسيف، و إعداد الإزار الأبيض وراء الصف الأول الذي يضم العريس و الحافظين
لهذا النوع من الغناء، بعد الخروج بالعريس من منزله نحو المنزل البعيد عنه، و
المخصص لقضاء سبعة أيام الموالية للعرس، أو ما يسمى بأيام "الحجبة"(3)
التي لا تقوم فيها العروس بأي عمل، في حين يتكلف أهل العريس بإعداد الوجبات
للعروسين طوال هذه الأيام، بعد الخروج يكون العريس و من يرافقه على موعد مع سبع
محطات تستدعيها المقاطع السبعة لهذا النوع الذي سنأتي على تدوينه، إلا أن العريس
هنا لا يشارك الرجال في الغناء، عكس بعض المناطق التي يشارك فيها العريس،
"كدرعة" مثلا، و عند المقطع السابع يكون الرجال صحبة العريس على موعد
ثانٍ مع رجلين أمام المنزل، كل منهما في ركن يحملان حبلا لا يسمحان للعريس بالدخول
على زوجته إلا بعد قطع هذا الحبل، و هنا يأتي دور السيف الذي سيُقطع به الحبل و
بالتالي دخول المعني بالأمر على زوجه و رجوع الرجال إلى حال سبيلهم.
________________________________________________________________
(1) "الدخلة" أو "الدخول": و هو
اليوم الذي يلتقي فيه العريس بزوجه إعلانا عن اكتمال شروط الزواج، و التعاقد بين
الاثنين. و تتم الدخلة دائما بالليل.
(2) "المشاط": و هو النوع الغنائي الذي
تردده النساء عند تزيين العروس و تسريح شعرها، و تهييئها لمغادرة بيت أبيها، و هذا الغناء
يتم فيه تعداد محاسن العروسة و خصالها و أخلاقها الحميدة.
(3) "الحجبة":
هي السبعة أيام بعد "الدخلة" و ينقطع فيها العروسان عن أي عمل في حين
يتكلف أهل الزوج بتحضير الوجبات لهما طيلة هذه الأيام.
1- اللَّهُمْ
صَلِّي وْ سَلَّم وَ آلسَّلامْ عْليهْ يَا
(ثلاث مرات)
2- بِآسْمِ اللَّهْ
بِها بْدَيْنا صَبْنا لِيها فالْ يَا
3- صَلَّى اللَّهْ
عْلَى نْبِينَا أَحْسَنْ مَنْ لَمْوالْ يَا
4- يَشْفَعْ يَاذَا
آلنَّاسْ فينا يَوْمْ يِشَدْ آلْحَالْ يَا
5- مُحَمَّدْ بَفْضَايْلُو
يَرْعَانَا وَجَّهْنا آلْأُمُورْ لَلْفُوكَانْ
6- بَآلجَّمْلَة صَلُّو عْلَى
المُخْتَارْ يا. ذَكْرَ النَّبِي فَالْ يا لَهْلْ لَعْراسْ (مرَّتان)
7- آللَّهُمْ صَلِّي وْ
سَلَّمْ وَ آلسَّلامْ عْلِيهْ يَا (ثلاث مرات)
8- بَآسْمْ آلْمَوْلَى بَاشْ نَبْدُو دِيمَا فِي لَعْرَاسْ يَا
9- مُولاَنَا وْحْنا عْبِيدُو واشْمَ يَاذَ آلنَّاسْ يَا
10- وَ آلْعَبْدْ إلى طَاعْ سِيدُو مَا يَلْكَاهْ آلْبَاسْ يَا
11- وَاشْ آلْوَافِي يَا آلنَّاسْ يْحَافِي غَيْرْ آللِّي مَعْلُوم
لَلنُقْصَانْ
12- بَآلجَّمْلَة صَلُّو عْلَى
المُخْتَارْ يا. ذَكْرَ النَّبِي فَالْ يا لَهْلْ لَعْراسْ (مرَّتان)
13- آللَّهُمْ صَلِّي وْ
سَلَّمْ وَ آلسَّلامْ عْلِيهْ يَا (ثلاث مرات)
14- بْنَادْمْ مَسْكِينْ نَادْمْ وَاشْ آلدَّهْرْ يْدُومْ يَا
15- وَلْدْ بْنَادَمْ لاشْ تَبْخَلْ فَآلدِّينْ آلْمَلْزُومْ يَا
16- صَلِّي يَا غَافْلْ صَلاَتَكْ و دِّي آلْفَرْضْ أُوصُومْ يَا
17- جَهَنَّمَ نَارْهَا حَكَْدَانا بَاشْ تَواجْبْ بُوسْبَعْةْ لْوَانْ
18- بَآلجَّمْلَة صَلُّو عْلَى
المُخْتَارْ يا. ذَكْرَ النَّبِي فَالْ يا لَهْلْ لَعْراسْ (مرَّتان)
19- آللَّهُمْ صَلِّي وْ
سَلَّمْ وَ آلسَّلامْ عْلِيهْ يَا (ثلاث مرات)
20- جِيبُو لِي شَدَّادْ فَاهْمْ وَآثْنينْ عَ لَّمْثَالْ يَا
21- جِيبُو لِي صَرْبَة تْوالْمْ نَبْغِي حُسْنْ رْجَالْ يَا
22- جِيبُو لِي طَفْلَة تْزَعْرَدْ تَعْمَلْ لِينَا فَالْ يَا
23- جِيبُو لِي خَامْسَاتْ لَخْمَاسِي أُو جِيبُو لِي نَاكَْشَاتْ لَسْوارْ
24- بَآلجَّمْلَة صَلُّو عْلَى
المُخْتَارْ يا. ذَكْرَ النَّبِي فَالْ يا لَهْلْ لَعْراسْ (مرَّتان)
25- آللَّهُمْ صَلِّي وْ
سَلَّمْ وَ آلسَّلامْ عْلِيهْ يَا (ثلاث مرات)
26- جَابْتْ فَاطِمَة
مْلامْحْ مْنْ ضَيّْ آلدَّبْدُوحْ يَا
27- جَابْتْ مْنْ مَهْرْ لَمْطَاوْحْ تَبْنِيدَة وَ تْرُوحْ يَا
28- مَشْطَتْ بْآلْمَسْكْ وَآلرَّوايَحْ تِيتْ ادْهَمْ مَسْرُوحْ يَا
29- جَابْتْ مَنْ بَنْدْ المْشَالْ يَا، مِلاَفِي تَوّْيْرَفْرَفْ زَادْتُو
كَُومَانْ
30- بَآلجَّمْلَة صَلُّو عْلَى
المُخْتَارْ يا. ذَكْرَ النَّبِي فَالْ يا لَهْلْ لَعْراسْ (مرَّتان)
31- آللَّهُمْ صَلِّي وْ
سَلَّمْ وَ آلسَّلامْ عْلِيهْ يَا (ثلاث مرات)
32- مُولْ آلْعَرْسْ آللَّهْ يْعِينُو مَسْعَدْ نَاسُو بِيهْ يَا
33- مَنْ كُلّْ بْلاَ لاَ يْشِينُو لاَبَاسًا يَذِيهْ يَا
34- يَرِيهْ آللَّهْ مَنْ هْوَايْلْ آلسَّحَّارَة وَ يْنْجَى مَنْ
حَسَّادْتُو فَآلنَّاسْ
35- بَآلجَّمْلَة صَلُّو عْلَى
المُخْتَارْ يا. ذَكْرَ النَّبِي فَالْ يا لَهْلْ لَعْراسْ (مرَّتان)
36- آللَّهُمْ صَلِّي وْ سَلَّمْ وَ آلسَّلامْ عْلِيهْ يَا (ثلاث مرات)
37- صَلَّى آللَّهْ عْلَى نْبِينَا كَُولُو كَاعْ آمِينْ يَا
38- يَشْفَعْ يَاذَا آلنَّاسْ
فِينَا لَمْجَدْ مُحْيِي آلدِّينْ يَا
39- آلْفَكَّاكْ مَنْ لَغْبِينَة
بِيهْ آلصَّوْتْ حْنِينْ يَا
40- صَلَّى اللَّهْ عْلَى آلرّْسُولْ
آلْهَادِي مُحَمَّدْ بُو فَاطْمَة آلْمُخْتَارْ
___________________________________________________________
*
نشير إلى أن في هذا النوع الغنائي (الترواح) سبع و قفات، و يمكن أن نفسر الرقم
سبعة حسب الأساطير المغربية، بأنها تعني "الكل" و يمكن أن يكون هذا الكل
قبيحا أو جميلا حسب المقصود منه، و كما يقول المراكشيون مثلا "سبعة
رجال". فمراكش لا يوجد فيها فقط سبعة رجال أو الصالحين كما يسمونهم، و إنما
هم صالحين كُثر، إلا أن الرقم سبعة يدل على كل الصالحين لما يتصفون به من صفات
حميدة و كذا الحج، و قضية سبعة أحجار لرجم الشيطان، فهي سبعة، إلا أنها تدل على
الكثرة، و هذا الرقم كثير في الأسطورة المغربية عموما. و إذن فسبع وقفات في
الثقافة الشعبية الهلالية تعني الفرحة كلها.
ثـــالثـــا:
المصطلحات المستقاة
من الشعر الزجلي الهلالي:
البهموت
زين الفلجة
زين الكَدار
الدشرة
الزبرة
التيت
الرسمة
الدركَة
التو
دربا و سوالف
المِحاد
النَّو
الغوط
مطاوح البيد
لخلاكَ
حركة حيضرة
كرب مغروس
بكرة / بكر
الوبر
الريم
الغيد
بوشاية
حرازك
الرسن
فدفادي
زام
يرفل
المراير
حميّان
لبجاوي
يكَدع الجمل
سرايح
البخناس
كَطعو بيه التيموم
بورامكَ
المطاوح
لبرانة
المجبد
فركَان
المحد
لنكَاب
لوهادي
مزغتمة
مزلزمة
أيمِّيم
خرّسناه
قيتون
لبغيم
|
:
:
:
:
:
:
:
:
:
:
:
:
:
:
:
:
:
:
:
:
:
:
:
:
:
:
:
:
:
:
:
:
:
:
:
:
:
:
:
:
:
:
:
:
:
:
:
:
|
القبر
فتحة بين الأسنان الأمامية العلوية للإنسان
القوي
الدوار أو القرية
ما يطرق عليه الحداد / السندان
الشعَر و خصوصا شعَر المرأة
لون غنائي زجلي
ما يتقي به الفارس
الوقت
إذا أطلقت المرأة شعرها
النحل
الشتاء أو الغيث
الجبل العالي
الصحاري
الخاطر
هجمة علي
طرف الجبال
رمز للصغر
صوف الابل
الغزال
النساء الحسناوات
صاحب الخالة في الوجه
حارسك
اللجام، العنان
حركة الطائر
هائج
السّرعة في المشي
الطريق الخاصة بالحيوانات
رجل معروف بكسب النوق و الجمال
صفة للجمل
يسيسه و يروضه
سوالف
المجنون
صدوا الأبواب في وجهه
|