قصبة لوضا:الذاكرة المنسية التي أرهبت الفرنسيين أبيهي محمد ـ باحث في تاريخ المغرب المعاصر
تقع تيكمي ن لوضا على مشارف جبال الأطلس الكبير الغربي بمركز سميمو، ويعود تاريخ بناء هذه القصبة التاريخية إلىأواخر القرن 18م وبداية القرن 19م على يد مؤسسها الحاج علي القاضي الحاحي، الذي يعود له الفضل في
اختيار الموقع المتميز،وسمى المكان بلوضا الذي يحمل معنى جغرافي للدلالة على انبساط الأرض، ومن تم بدأ إشعاع هذه الأسرة بقبيلة اداويسارن، وكانت لها مكانة بين فرق هذه القبيلة الحاحية العريقة، وأصبحت هذه القصبة مصدر تدبير شؤون فرقة اداوكضل، وهو ما جعل من السلطان الحسن الأول يقوم بتعيين الحاج علي القاضي الحاحي قائدا على اداويسارن لمدة قصيرة،بعد أن تم تجاذبت قيادة اداويسارن بين الكيلوليين والنكنافيين، ولكن كان لأشياخ أسرة الحاج على القاضي سلطات واسعة بين القبائل رغم وجود زعامات مهيمنة خلال هذه المرحلة.
تتكون قصبة لوضا حسب الرواية الشفوية من أبواب رئيسية وأخرى فرعية، كما تتواجد بها محكمة عرفية، تمزج في أحكامها بين العرف والشرع، وتتكون كذلك من مخازن جماعية لتأمين الموارد الغذائية في أيام القحط.
عرفت قصبة لوضا أحداثا تاريخية مجيدة، ففي بداية الاحتلال الفرنسي قصدتها الجيوش الفرنسية للاستقرار بها مؤقتا، مما استنفر أسرة الحاج علي القاضي ،التي قامت بحصار الكتيبة الفرنسية المستقرة بالقصبة في دجنبر 1912م ، وقاد هذا الحصار كل من ابراهيم بن الحاج محند بن الحاج علي القاضي وسي احمد الحاج علي ن لوضا،الذين نسقوا مع المقاومة الحاحية للقبائل المجاورة، ليسفر الحصار عن مقتل 70 جندي فرنسي، وأعلنت بعد ذلك القيادة الفرنسية بموكادور عن عملية سرية في اتجاه قصبة لوضا،من أجل تحرير الرهائن عبر الساحل يحرسهم أسطول كبير، وكانت واقعة دار الحاج علي القاضي من أبرز الأحداث الدامية بالمغرب التي هزت الإقامة العامة الفرنسية، وهي من أسباب إعلان فرنسا لحملات عسكرية بزعامة الجنرال برولار.
يفرض الواقع المتدهور لهذه المعلمة التاريخية تدخل الجهات المعنية لإعادة الاعتبار لهذه الذاكرة الوطنية من خلال:
ـ تصنيف هذا الموقع التاريخي كتراث وطني من طرف وزارة الثقافة.
ـ ضرورة اقامة نصب تذكاري لضحايا معركة لوضا من طرف المندوبية السامية للمقاومة.
ـ مراعاة القيمة التاريخية لهذا الموقع التاريخي من خلال اضطلاع النسيج الجمعوي بدوره في حماية هذه الذاكرة المنسية.
أبيهي محمد ـ باحث في تاريخ المغرب المعاصر
تعليقات
إرسال تعليق